أكد خبراء وصناع قرار أهمية التكامل بين الأطر التشريعية المحفزة وتشجيع الدولة على الاستثمار في الابتكار، باعتباره مسارًا رئيسيًا لاستدامة الموارد، والحد من الفاقد الغذائي، وضمان الأمن الغذائي العالمي، إلى جانب ضرورة ترسيخ مبادئ المنافسة العادلة لدعم ازدهار الصناعة الوطنية.
جاء ذلك خلال الجلسة الأولى من مؤتمر غذاء مصر 2025، الذي افتتحه المهندس أشرف الجزايرلي، رئيس مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية، وعُقد تحت رعاية وحضور معالي الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، وبمشاركة وزير المالية أحمد كجوك، والدكتور شريف فاروق وزير التموين والتجارة الداخلية، وعدد من ممثلي الجهات والهيئات المعنية.
وقدمت رنا جمالي، نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة، أجندة المؤتمر والسادة المشاركين، فيما شارك الدكتور علاء عزوز، رئيس قطاع الإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، نيابة عن معالي وزير الزراعة، إلى جانب أعضاء مجلس إدارة الغرفة.
وانعقدت الجلسة الأولى تحت عنوان «التكامل بين التشريعات والابتكار نحو صناعة غذائية أكثر تنافسية واستدامة»، لتشكل منصة حوارية جمعت ممثلي القطاع الخاص والجهات الحكومية والمختصين، لمناقشة السياسات والتكنولوجيا والتقنيات الحديثة التي أسهمت في نمو الشركات الغذائية محليًا وعالميًا، وبلورة رؤية استراتيجية مشتركة لتطوير السياسات الصناعية، وتعزيز بيئة داعمة للابتكار، ودعم النمو الاقتصادي المستدام، بما يسهم في تعزيز مكانة مصر الصناعية إقليميًا ودوليًا.
وأدار الجلسة محمد باشنفر، عضو مجلس إدارة الغرفة، بمشاركة كل من الدكتور طارق الهوبي، رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء، والدكتور خالد صوفي، رئيس الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة، والدكتورة ناهد يوسف، رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية، والدكتور محمود ممتاز، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، إلى جانب ممثلي القطاع الخاص حسين زكريا، مدير التصنيع بشركة بريدفاست، ودينا حسني، رئيس القطاع التجاري بشركة كيميت للأغذية الطبيعية.
وأكد محمد باشنفر أن الاستثمار في الابتكار لم يعد خيارًا، بل أصبح ضرورة ومسؤولية لتحقيق الاستدامة والأمن الغذائي العالمي، في ظل الزيادة السكانية وما يصاحبها من معدلات مرتفعة لإهدار الغذاء. وأشار إلى أن الابتكار في التصنيع الغذائي يسهم في رفع الإنتاجية وتحسين الجودة وتقليل الفاقد في مختلف مراحل التصنيع، مشددًا على أهمية دور الدولة في تحقيق التوازن بين تشجيع الاستثمار ومنع الممارسات الاحتكارية، بما يضمن بيئة تنافسية عادلة. كما لفت إلى أن قطاع الصناعات الغذائية يمثل أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني والصادرات المصرية، وأن التجارة الإلكترونية للغذاء في مصر سجلت نموًا ملحوظًا لتصل إلى نحو نصف مليار دولار خلال عام 2024.
من جانبه، أكد الدكتور طارق الهوبي أن الهيئة القومية لسلامة الغذاء تعمل على تطوير منظومة تشريعية وتنظيمية مرنة تحقق التوازن بين حماية صحة المستهلك ودعم الصناعة الوطنية وتشجيع الاستثمار، دون الإخلال بمعايير السلامة الغذائية، مشددًا على أهمية التزام المصانع الصغيرة ومتناهية الصغر بمعايير سلامة الغذاء، والتي تمثل نحو 80% من حجم السوق، لافتًا إلى أن السوق المصري يُعد من أكبر أسواق المنطقة بقيمة تتراوح بين 16 و17 مليار دولار، وبمعدل نمو سنوي يقارب 18%، مع استهداف إحكام الرقابة على جميع حلقات تداول الغذاء اعتبارًا من عام 2026.
بدوره، استعرض الدكتور خالد صوفي جهود هيئة المواصفات والجودة في تحديث المواصفات القياسية المصرية، ودعم الابتكار الصناعي، وتعزيز التوافق مع المواصفات الدولية، بما يسهم في رفع مستويات سلامة الغذاء، وحماية صحة المستهلك، وفتح أسواق تصديرية جديدة أمام المنتجات الغذائية المصرية.
وأكد الدكتور محمود ممتاز أن المنافسة لا تقتصر على الأسعار فقط، بل تشمل جودة المنتج والابتكار والتطوير المستمر، باعتبارها عناصر رئيسية لضمان استدامة الأسواق وتعظيم الفائدة للمستهلك، موضحًا أن المنافسة الحقيقية تمثل المحرك الأساسي للابتكار ودعم تنافسية الصناعة الوطنية.
من جانبها، أوضحت الدكتورة ناهد يوسف أن الهيئة العامة للتنمية الصناعية تتبنى استراتيجية متكاملة لدعم الاستثمار الصناعي، من خلال تبسيط الإجراءات، وتقديم حوافز للمشروعات التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة أو التحول الأخضر، وتوفير دعم فني وتمويلي متكامل، مع منح أولوية خاصة لقطاع الصناعات الغذائية.
وفي عرض تجارب القطاع الخاص، أكد حسين زكريا أن شركة بريدفاست بدأت كمنصة لتوصيل الخبز الطازج، قبل أن تتحول إلى منصة غذائية متكاملة تعتمد على الحلول الرقمية لتحسين الكفاءة التشغيلية وتقليل الهدر، مع الالتزام الكامل بمعايير الجودة وسلسلة الإمداد. كما أكدت دينا حسني أن مؤتمر «غذاء مصر» يمثل دفعة قوية للمستثمرين، مشيرة إلى أن الابتكار والبحث والتطوير والعمالة المدربة أصبحت عناصر أساسية لمواكبة الأسواق العالمية، وأن السوق المصري يمتلك خامات متميزة يمكن تعظيم الاستفادة منها عبر تطوير التصنيع والتعبئة والتغليف.
















