قال محمد عبد الوهاب المحلل الاقتصادي والمستشار المالي للاتحاد العربي للتطوير والتنمية التابع لمجلس الوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، إن العالم مر خلال العامان الماضيان بأزمة ربما هى الأكبر فى العصر الحديث، خلفت تلك الأزمة عبئا كبيرا على الاقتصاد العالمى، حيث شهد الدين العالمى اكبر ارتفاع خلال عام واحد وذلك منذ الحرب العالمية الثانية حيث بلغ الدين العالمي 226 تريليون دولار نتيجة تلك الأزمة وحجم الإنفاق العالمى لمواجهتها ومواجهة سلالات متحورة جديدة ، وصعود متواصل في التضخم.
واوضح عبد الوهاب، أنه في عام 2020، ارتفع الدين العالمي بمقدار 28 نقطة مئوية إلى 256% من إجمالي الناتج المحلي، طبقا لبيانات صندوق النقد الدولى، وكان اقتراض الحكومات يمثل نسبة أعلى بقليل من نصف هذه الزيادة، حيث قفزت نسبة الدين العام العالمي إلى مستوى قياسي قدره 99% من إجمالي الناتج المحلي كذلك ارتفع الدين الخاص من خلال الشركات غير المالية والأسر مسجلاً مستويات غير مسبوقة، وشهد الدين العام ارتفاع من نحو 70% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2007 إلى 124% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020.
ولفت عبد الوهاب، إلى أن سياسة التيسير الكمى التى اتبعتها معظم دول العالم لعبت دورا هاما فيما ألت إليه الأمور الأن ، قائلاً :”نعم لقد نجحت تلك السياسات فى تحريك الاقتصاد العالمى وقت الأزمة، لكن كان من أثارها طباعة قرابة 26 مليار دولار دون أى غطاء سواء من أصول أو من انتاج فى مختلف دول العالم كان من الطبيعى أن يشهد العالم هذه الموجه من التضخم”.
وأشار عبد الوهاب، إلى أن الولايات المتحدة أعلنت وصول التضخم لديها إلى أعلى مستوى له منذ 1982 عند مسوى 6.2% على أساس سنوى مما سيضطر معه الفيدرالى الأمريكي إلى تحريك أسعار الفائدة خلال اجتماعه يوم 24 مارس الجارى حيث من المتوقع تحريك أسعار الفائدة ما بين 25 و50 نقطة أساس لمواجهة التضخم.
وأوضح المحلل الاقتصادي، أن أوروبا تواجه هى الأخرى موجة من التضخم تجاوزت 5.8% وتلعب الحرب الروسية على اوكرانيا محفزا كبيرًا للتضخم حيث شهدت أسعار السلع الغذائية والنفط وأسعارالطاقة ارتفاعات كبيره جدا منذ بداية التوترات حيث ارتفع النفط منذ بداية العام بنسبة تجاوزت 60% والغاز قرابة الـ40% والقمح 60% تصب هذه الارتفاعات جميعا فى مصلحة التضخم .
واكد عبد الوهاب، أن العالم يواجه منذ بداية العام أزمة كبيرة فى وسائل الإمداد والنقل وارتفاع كبير فى تكلفة النولون البحرى وانخفاض فى المعروض فى مواجهة الطلب العام حيث بدأ المستهلكين بشهية عالية جدا بعد عامان من الإغلاقات والحظر وممارسة درجات عالية من التقشف والحذر كل تلك الأسباب تبرز ما نعانيه اليوم من تضخم كبير ربما سنشهد المزيد منه خلال الربع الثالث والرابع من هذا العام حيث أرى من وجهة نظرى الشخصية أنها ستكون فتره اكثر قسوة على المستهلكين.
وتابع عبد الوهاب: “بإعلان المركزى المصرى أرقام التضخم لتسجل ارتفاع فى نهاية يناير 7.3 % على أساس سنوى بزيادة 1.45 % عن نهاية ديسمبر 2021 ثم قفز إلى 8.8 % بنهاية فبراير وهو ما يقترب بشكل كبير من مستهدفات البنك المركزي لمعدلات التضخم حتى نهاية 2022 (7+_ 2%) فيما وصلت معدلات التضخم على أساس شهري إلى 10% وتلك الزيادة فى معدلات التضخم جاءت متوائمه مع التضخم العالمى حيث تأثرت مصر بموجة الارتفاعات فى الأسعار للسلع الغذائيه واسعار البترول نتيجة الأحداث الجارية على الساحه العالمية خصوصا الحرب الروسية الأوكرانية”.
وتوقع عبد الوهاب، أنه اذا ما لجأت الدولة لتحريك الدعم على الخبز أن نرى معدلات التضخم عند12-13% بنهاية العام وهو ما يرجح اتجاه المركزي إلى تحريك أسعار الفائدة مابين 250 الى 300 نقطه هذا العام.
وناشد عبد الوهاب المواطنين بإدراة نفاقاته بشكل جيد وترشيد الإستهلاك واللجوء إلى الشراء الأجل قدر المستطاع والحفاظ على أكبر قدر من السيولة لديه فى أصول وعدم اللجوء لشهادات وودائع بنكية لمدد أكثر من 3- 6شهور نظرا لتوقعاتنا بتحريك أسعار الفائدة أكثر من مره خلال العام الحالى كما أنه ستكون هناك فرص قوية للاستثمار فى أسواق المال حيث ستعانى وقت رفع الفائدة بما يمثل وقت ملائم لتكوين محافظ استثمارية لمدد طويلة.