شهدت أسعار الذهب العالمية تعافي خلال تداولات اليوم الجمعة وذلك بعد ان انخفضت بشكل حاد أمس لتسجل أدنى مستوى منذ 9 أسابيع، يأتي هذا في ظل ارتفاع كبير في مستويات الدولار الأمريكي بعد البيانات الأمريكية التي جاءت أفضل من المتوقع بالإضافة إلى قرب التوصل إلى حل لأزمة الديون الأمريكية.
تتداول أسعار الذهب الفورية وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1952 دولار للأونصة مسجلة ارتفاع بنسبة 0.6% بعد أن سجلت أدنى مستوى منذ 9 أسابيع بداية جلسة اليوم عند 1936 دولار للأونصة، يأتي هذا بعد أن فقد الذهب يوم أمس 16 دولار من قيمته منخفضاً بنسبة 0.9%.
الذهب في طريقه لتسجيل انخفاض أسبوعي بنسبة 1.3% ليمثل انخفاض للأسبوع الثالث على التوالي، وتخلل هذا الأسبوع انخفاض أسعار الذهب تحت مستوى الدعم الهام عند 1950 دولار للأونصة، إلا أنه سرعان ما ارتفع ليتداول حالياً فوقه.
اقتراب التوصل إلى اتفاق بشأن سقف الدين الأمريكي البالغ 31.4 تريليون دولار، حيث اجتمع الرئيس الأمريكي جو بايدن والنائب الجمهوري في الكونجرس كيفين مكارثي مجدداً وصدرت تصريحات أنهم على وشك التوصل إلى اتفاق لخفض الإنفاق
وساهمت هذه الأخبار الإيجابية في دفع الذهب إلى مزيد من التراجع حيث فقد الطلب كملاذ آمن في الأسواق لصالح الدولار الأمريكي، وهو الأمر الذي زاد من الزخم الهابط على الذهب ليكتسب القدرة على كسر مستوى الدعم 1950 دولار الذي يحوم فوقه منذ قرابة أسبوع بحسب جولد بيليون
من جهة أخرى نجد أن الدولار الأمريكي قد تراجع اليوم وفقاً لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسي، فقد انخفض المؤشر اليوم الجمعة بنسبة 0.2% وذلك بعد ارتفاع استمر لأربعة جلسات متتالية ليسجل أعلى مستوى منذ 10 أسابيع.
صدر يوم أمس عدد من البيانات الإيجابية عن الاقتصاد الأمريكي ساعدت على انتعاش الدولار بشكل كبير في تداولاته مقابل العملات الأخرى، وبالتالي تسبب في دفع الذهب إلى الانخفاض في ظل العلاقة العكسية التي تربطهما منذ كون الذهب سلعة تسعر بالدولار.
جاء التقدير الثاني للناتج المحلي الإجمالي الأمريكي للربع الأول أفضل من المتوقع حيث سجل نمو بنسبة 1.3٪ مقابل التوقعات بنسبة 1.1٪ ويقارن بالقراءة الأولية للناتج المحلي الإجمالي التي ارتفعت بنسبة 1.1٪ أيضًا، بينما جاءت مطالبات البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة أقل بكثير من توقعات السوق.
تظهر هذه البيانات مرونة قوية للاقتصاد الأمريكي في ظل التشديد النقدي الذي ينتهجه البنك الفيدرالي الأمريكي منذ العام الماضي، بالإضافة إلى قوة بيانات قطاع العمالة التي تغذي التضخم بشكل مباشر.
تصريحات أعضاء البنك الفيدرالي تشير إلى المطالبة بالمزيد من التشديد النقدي وأن مهمة البنك لمحاربة التضخم لم تتوقف بعد، وبسبب هذا تغير تسعير الأسواق لمستقبل أسعار الفائدة حيث ارتفع احتمال رفع الفائدة 25 نقطة في اجتماع يونيو إلى 43.6% بعد أن كانت في اليوم السابق عند 28.4%.
أيضاً الاحتمال السائد يظل لصالح تثبيت الفائدة في اجتماع يونيو القادم بنسبة56.4% بعد أن كان الاحتمال بنسبة 71.6% في اليوم السابق،
وتسبب هذا في ارتفاع العائد على السندات الحكومية الأمريكية بشكل كبير فقد ارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات ليسجل أعلى مستوى من 10 مارس الماضي عند 3.833%، كما ارتفع العائد على السندات لأجل عامين الأكثر حساسية لأسعار الفائدة ليسجل أعلى مستوى منذ 11 أسبوع عند 4.552%.
ارتفاع العائد على السندات الأمريكية يسحب الاستثمارات من أسواق الذهب التي لا تقدم عائد لحائزي المعدن النفيس، مقارنة مع السندات التي تقدم عائد يرتفع بارتفاع أسعار الفائدة في المقابل.
الأسواق تترقب اليوم صدور بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري عن الاقتصاد الأمريكي، والذي يعد المؤشر المفضل لدى البنك الفيدرالي لقياس التضخم، وتشير التوقعات إلى استقرار المؤشر على المستوى الشهري بنسبة 0.3% في ابريل، وارتفاعه بنسبة 4.6% على المستوى السنوي.
سوق الذهب في مصر
شهدت أسعار الذهب محلياً انخفاض معتدل خلال تداولات الأمس لتستجيب لانخفاض أسعار الأونصة العالمية في ظل اقتراب التسعير المحلي من التسعير العالمي خلال هذا الفترة التي تخلو من عوامل محركة للسواق المحلي.
سجل سعر الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً اليوم 2330 جنيه للجرام لينخفض بمقدار 30 جنيه عن أعلى سعر سجله يوم أمس عند 2360 جنيه للجرام. بينما سجل سعر الجنيه الذهب اليوم 18640 جنيه.
التراجع الحالي في أسعار الذهب يأتي في ظل استقرار الأسواق المحلية بشكل كبير وغياب العوامل التي تسبب تذبذب حاد في الأسواق مما يدفع سعر الذهب محلياً إلى التداول وفقاً للتغيرات في الأسواق العالمية.
المبادرات الأخيرة التي قامت بها الجهات المعنية وعلى رأسها مبادرة السماح لواردات الذهب بالدخول دون رسوم جمركية ساعدت على استقرار الأسواق بشكل كبير وزيادة المعروض المحلي من خام الذهب ليحقق توازن بين العرض والطلب في الأسواق.
من جهة أخرى نجد أن الطلب المحلي يشهد بعض الاستقرار في الفترة الحالية بعد أن استطاعت أسواق الذهب استيعاب الطلب الكبير الذي نتج عن السيولة النقدية لاستحقاق شهادات الـ 18%، وهو الطلب الذهب تسبب في ارتفاع الذهب لمستوى قياسي عند 2800 جنيه للجرام.
عودة الذهب إلى هذه المستويات قد يتطلب زخم شرائي كبير وتحرك كبير في الأسواق قد ينتج في حالة تغير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار بشكل كبير أو تزايد السيولة النقدية لدى المواطنين بشكل يزداد معه الطلب على الذهب كملاذ آمن ومخزن للقيمة.
على الرغم من التراجع الأخير في أسعار الذهب وتسجيل قاع سعري عند المستوى 2200 جنيه للجرام، إلا أن أسعار الذهب تظل في اتجاه صاعد والهبوط الأخير يظل ضمن التصحيح السلبي بعد موجة الارتفاع الحادة التي دفعت الأسعار إلى أعلى مستوى عند 2800 جنيه.
السبب الرئيسي وراء استمرار الاتجاه الصاعد هو المسيطر على أسعار الذهب هو استمرار العوامل التي دفعته إلى الارتفاع في الأساس دون تغير، فالوضع الاقتصادي والمالي للاقتصاد المصري يظل دون تغير في ظل محاولات الحكومة المستمرة لتوفير السيولة الدولارية من خلال عمليات طرح الشركات المملوكة للدولة للبيع لمستثمر استراتيجي أو طرح حصص منها في البورصة مثل الشركة المصرية للاتصالات.
وعلى هذا الأساس تبقى التوقعات إيجابية بالنسبة للذهب خلال الفترة القادمة، إلا أن التحركات الحكومية الأخيرة وتسهيل إجراءات الاستثمار وغيرها من المبادرات المتعلقة بأسواق الذهب أعادت الهدوء والاستقرار لتحركات الذهب بعيداً عن التذبذب الحاد.