نظّمت غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية برئاسة المهندس أشرف الجزايرلي، ندوة متخصصة بعنوان “صناعة التمور بين الواقع والمأمول”، بحضور نخبة من الخبراء والجهات المعنية من قطاعات الزراعة والتصنيع والتصدير وسلامة الغذاء، بهدف تقييم وضع صناعة التمور المصرية، واستكشاف آليات تعزيز القيمة المضافة والقدرة التنافسية على المستويين المحلي والدولي.
وأكدت الدكتورة مايسة حمزة، المدير التنفيذي لغرفة الصناعات الغذائية، أن مصر تحتل المركز الأول عالميًا في إنتاج التمور بإجمالي 1.87 مليون طن سنويًا (19.3% من الإنتاج العالمي)، متقدمة على السعودية التي تنتج 1.64 مليون طن. ورغم هذا التفوق الإنتاجي، فإن حجم الصادرات ما زال لا يعكس هذه المكانة، إذ بلغت الصادرات في 2024 نحو 105.6 مليون دولار فقط.
وأشارت إلى أن ضعف الصادرات يعود إلى عدم تطابق الأصناف المصرية مع متطلبات الأسواق الدولية، مما دفع الدولة إلى التوسع في زراعة الأصناف التصديرية مثل المجدول والبارحي، وإصدار مواصفة قياسية مصرية لتمر المجدول (رقم 8733 لسنة 2023)، في خطوة تمهيدية لاعتمادها كمواصفة إقليمية.
استراتيجية تطوير القطاع
من جانبه، أكد الدكتور أمجد القاضي، المدير التنفيذي لمركز تكنولوجيا الصناعات الغذائية والتصنيع الزراعي، أن مصر فعليًا تتخطى إنتاج 2 مليون طن سنويًا، ويضم القطاع حوالي 142 منشأة صناعية و143 محطة ومصنع تعبئة موزعين في الجيزة وسيوة والوادي الجديد والسادات وغيرها. وأضاف أن هناك استراتيجية واضحة لتوطين الصناعات المرتبطة بالتمور والتوسع في الأصناف التصديرية.
كما شدد على أهمية تعظيم القيمة المضافة من خلال:
- تقليل الفاقد أثناء مراحل ما بعد الحصاد
- رفع كفاءة التبريد والنقل
- استخدام تقنيات الفرز والغسيل والتجفيف الحديثة
- التوسع في التصنيع التحويلي (مثل دبس التمر، مسحوق التمر المجفف، عسل التمر، زيت نوى التمر)
- ربط البحث العلمي بالصناعة
تقنيات حديثة وصناعات تحويلية
وتحدث الدكتور أشرف شروبة، أستاذ الصناعات الغذائية، عن أهمية استخدام الأوزون في تعقيم وتطهير التمور، مؤكدًا فاعليته في القضاء على البكتيريا والآفات بدون الحاجة للمواد الكيميائية، معتمدًا دوليًا منذ 2001. وطرح نموذجًا لتجربة ناجحة في تطبيقه بمجالات الأغذية المجففة واللحوم والأسماك والحبوب.
أما الدكتور خالد ناجي، خبير التعبئة والتغليف، فأكد على ضرورة تحسين مواد التغليف وطرق التعبئة وفقًا للمعايير الدولية، مشيرًا إلى أن حجم الإنفاق العالمي على التعبئة والتغليف يتجاوز 1500 مليار دولار سنويًا، مما يعكس أهميتها كأداة تسويقية ضرورية.
المواصفات القياسية وسلامة الغذاء
أوضح محمد عبد الفتاح، من هيئة المواصفات والجودة، أن مصر تمتلك مواصفات قياسية متوافقة مع الكودكس الدولي، مشيرًا إلى أن مواصفة المجدول هي الأولى عالميًا من نوعها، وتم البدء في إجراءات اعتمادها إقليميًا ودوليًا.
كما استعرضت الدكتورة سمر شعراوي، ممثلة هيئة سلامة الغذاء، جهود الهيئة في تأهيل الموردين ومحطات التعبئة للامتثال لاشتراطات السلامة، مؤكدة أن سلامة الغذاء باتت شرطًا أساسيًا للنفاذ للأسواق الدولية.
تحديات وتوصيات
اختُتمت الندوة بعدة توصيات استراتيجية، أبرزها:
- التوسع في زراعة النخيل التصديري لسد الفجوة المتوقعة في الإنتاج بحلول 2040
- إنشاء أسواق مركزية للتمور، وتطوير مراكز التجميع والتخزين
- الاعتماد على التكنولوجيا الذكية في الزراعة والتصنيع والتسويق
- دعم البحوث التطبيقية في القطاع وربطها بالتصنيع الفعلي
- إنشاء علامات تجارية وطنية وتمثيل التمور المصرية في المعارض الدولية
- تطوير استراتيجية تسويقية شاملة تواكب التحولات العالمية في الاستهلاك
وأكد المتحدثون أن مصر تمتلك جميع المقومات لتصبح مركزًا عالميًا لتصنيع وتصدير التمور، إذا ما تم استغلال الطاقات الإنتاجية بشكل علمي وتنافسي، مع التركيز على الجودة وسلامة الغذاء وتعزيز سلاسل القيمة.