شهدت أسعار الذهب في مصر جلسة تداول سيطر عليها التذبذب بشكل كبير، وذلك في ظل عدم وضوح اتجاه للذهب حالياً وعدم اتباعه تحركات سعر الذهب العالمي، بينما تساهم التوترات والتوقعات بشأن إمكانية حدوث خفض جديد في قيمة الجنيه مقابل الدولار في دفع الأسواق إلى عدم الوضوح، كما أن اضطرابات في تسعير الدولار بالسوق الموازية ساهم في تذبذب سوق الذهب.
افتتحت أسعار الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً جلسة اليوم الأربعاء عند المستوى 2220 جنيه للجرام دون تغير عن سعر اغلاق الأمس، وذلك قبل أن تتراجع الأسعار لتتداول حالياً عند المستوى 2215 جنيه للجرام، بينما سجل سعر الجنيه الذهب اليوم 17720 جنيه.
جلسة الأمس شهدت تقلبات كبيرة فقد افتتح السعر عند المستوى 2235 جنيه للجرام قبل أن ينخفض أثناء الجلسة ليسجل أدنى مستوى عند 2200 جنيه للجرام ليفقد 35 جنيه من سعر الجرام، ولكنه عاد للارتفاع ليغلق عند المستوى 2220 جنيه للجرام، وفق تحليل جولد بيليون.
السعر الآن يحاول كسر منطقة الدعم الرئيسية بين 2220 إلى 2200 جنيه للجرام، وفي حالة كسرها بشكل ناجح وبزخم قوي سيدفع الأسعار إلى الهبوط بشكل أكبر وصولاً للمستوى 2150 ومن بعده المستوى 2130 جنيه للجرام.
وترى جولد بيليون أن انخفاض الأسعار في مصر سيدفع حائزي الذهب إلى البيع خوفاً من حدوث المزيد من التراجعات في الأسعار بشكل يسبب لهم خسائر، وهو ما سيعمل على زيادة المعروض من الذهب وسيدفع السعر إلى المزيد من التراجع.
جلسة الأمس التي شهدت تراجع في أسعار الذهب المحلي تدل على عدم تتبع الذهب للسعر العالمي، ففي الوقت الذي أغلقت جلسة الأمس على انخفض بمقدار 15 جنيه أغلق الذهب العالمي على مكاسب وصلت إلى 17 دولار للأونصة.
ضعف السيولة النقدية في الأسواق وعدم توازن العرض والطلب تسبب في تحركات كبيرة في أسواق الذهب خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، خاصة مع تزايد الاشاعات والتسريبات بإمكانية حدوث تعويم جديد في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الأمر الذي عمل على تحرك سعر صرف الدولار في السوق الموازية، وهو الذي يتم تسعير الذهب به.
هناك أيضاً مطالبات حالياً بدراسة مد مبادرة واردات الذهب بدون رسوم جمركية والتي من المقرر لها الانتهاء في نوفمبر القادم، حيث عملت المبادرة على زيادة المعروض في الأسواق من الذهب بشكل حقق معه حالة من التوازن والهدوء في تحركات الأسواق.
الطلب على الذهب في الأسواق المحلية مؤخراً شهد بعض التغيير خاصة منذ تقرير وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني الأخير بتوقعها بانخفاض الجنيه المصري مقابل الدولار إلى مستويات 37 جنيه لكل دولار من مستوياته الحالية عند 30.95 جنيه لكل دولار، وذلك بحلول نهاية العام.
عمل هذا على زيادة الاشاعات والتوقعات أن مصر على موعد مع تعويم رابع في مستويات الجنيه المصري خلال الفترة القادمة، خاصة أن الشهر القادم قد يشهد مراجعة صندوق النقد الدولي لبرنامجه لإقراض مصر 3 مليار جنيه خلال 46 شهر والذي حصلت مصر على الشريحة الأولى من البرنامج في ديسمبر الماضي وقيمتها 347 مليون دولار.
أسعار الذهب في البورصة العالمية
شهدت أسعار الذهب ارتفاع كبير خلال تداولات الأمس لتسجل أعلى مستوياتها منذ قرابة 3 أسابيع، وذلك في ظل تراجع في مستويات الدولار الأمريكي وعوائد سندات الخزانة الأمريكية بعد بيانات أضعف من المتوقع عن قطاع العمالة وثقة المستهلكين، مما زاد من التوقعات أن البنك الفيدرالي قد لا يلجأ إلى رفع الفائدة مجدداً.
تتداول أسعار الذهب الفورية اليوم الأربعاء عند المستوى 1938 دولار للأونصة منخفضة بشكل طفيف منذ بداية الجلسة بنسبة 0.1%، يأتي هذا بعد ارتفاع كبير في أسعار الذهب بمقدار 17 دولار تقريباً بنسبة ارتفاع 1% ليسجل أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع تقريباً عند 1938 دولار للأونصة، بحسب رصد تحليلي لجولد بيليون.
اختراق منطقة المستوى 1930 دولار للأونصة والتي تتضمن المتوسط المتحرك لـ 50 يوم و 100 يوم ساعد على زيادة الزخم في أسعار الذهب، خاصة بعد أن حصل على الدعم الكافي من تراجع الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية الأخرى بسبب ضعف البيانات الأمريكية.
يوم أمس صدر عن الاقتصاد الأمريكي بيانات ثقة المستهلك عن شهر أغسطس لتشهد تراجع أقل من المتوقع بقيمة 106.1 وكانت القراءة السابقة بقيمة 114 والتوقعات عند 116. بالإضافة إلى انخفاض أعداد الوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة خلال شهر يوليو إلى 8.83 مليون وظيفة وهو أدنى مستوى منذ عامين ونصف تقريباً بعد أن كانت القراءة السابقة بقيمة 9.17 مليون.
البيانات الضعيفة عن الاقتصاد الأمريكي وخاصة المتعلقة بقطاع العمالة عملت على زيادة التوقعات بأن الفيدرالي الأمريكي قد لا يلجأ إلى رفع أسعار الفائدة مرة إضافية حتى نهاية العام، وقد تسبب هذا في دفع مستويات الدولار الأمريكي إلى الانخفاض وفقاً لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية.
انخفض مؤشر الدولار يوم أمس بنسبة 0.5% بعد البيانات السلبية التي صدرت عن الولايات المتحدة، بينما كانت البداية قوية للدولار الأمريكي بداية جلسة الأمس بعد أنباء عن قيام المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع بالإعلان عن قواعد جديدة أكثر صرامة بشأن البنوك الإقليمية لضمان تحقيق أمان عن تعرض أحد هذه البنوك للإفلاس دون التأثير على القطاع المصرفي، حتى لا تتكرر أزمة بنك سيليكون فالي من جديد.
ولكن سرعان ما تجاهلت الأسواق هذه الأخبار ليعود التركيز على البيانات الاقتصادية التي دفعت الدولار إلى أدنى مستوياته في ثلاث جلسات، واليوم عاد مؤشر الدولار إلى التعافي من جديد بنسبة 0.1%.
أما عن عوائد سندات الخزانة الأمريكية فقد استمرت في التراجع خلال جلسة الأمس، لينخفض العائد على السندات لأجل 10 أعوام يوم أمس بنسبة 2% مسجلا أدنى مستوى منذ ثلاثة أسابيع عند 4.106%، يذكر أن العائد على السندات لأجل 10 سنوات قد سجلت أعلى مستوياتها منذ 15 عام خلال الأسبوع الماضي عند 4.362%.
التراجع الحالي في عوائد السندات يقلل من تكلفة الفرصة البديلة للذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه ويساعده على التعافي وتحقيق المزيد من المكاسب، خاصة مع تراجع الدولار الأمريكي الذي تربطه علاقة عكسية مع الذهب منذ كون المعدن النفيس سلعة تسعير بالدولار.
الجدير بالذكر أن الأسواق تقوم بتسعير احتمال بنسبة 87% أن يقوم البنك الفيدرالي الأمريكي بتثبيت الفائدة خلال اجتماعه القادم في سبتمبر، واحتمال آخر بنسبة 43% أن يقوم البنك برفع الفائدة 25 نقطة أساس في اجتماع نوفمبر، مع العلم أن هذا الاحتمال قد تراجع من 51% في اليوم السابق للبيانات الاقتصادية.
احتمالات ضعف الذهب لا تزال واردة
على الرغم من الأداء الإيجابي القوي الذي ظهر به الذهب منذ الأسبوع الماضي، إلا أن لا تزال هناك احتمالات على ضعفه، خاصة أن الخطاب الأخير لرئيس الفيدرالي جيروم باول في جاكسون هول أكد على استمرار التشديد النقدي، واستمرار الفائدة عند مستوياتها المرتفعة لفترة أطول من الوقت.
التحرك الإيجابي من الذهب يوم أمس جاء على حساب أولى البيانات الهامة التي تصدر هذا الأسبوع، بينما اليوم تصدر بيانات النمو عن الاقتصاد الأمريكي عن الربع الثاني إلى جانب مؤشر ADP لوظائف القطاع الخاص.
يوم الخميس سيكون موعدنا مع بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري، والذي يعد مؤشر التضخم المفضل لدى البنك الفيدرالي، وأي تغير إيجابي في هذا المؤشر سيدفع الذهب إلى فقدان جزء كبير من مكاسبه السابقة، كونه سيؤكد مخاوف البنك الفيدرالي من استمرار معدلات التضخم فوق المستويات المرغوب فيها.
أيضاً نهاية الأسبوع يوم الجمعة القادمة تحمل أهم البيانات الاقتصادية هذا الأسبوع وهو تقرير الوظائف الحكومي عن القطاع الغير زراعي، والذي في حالة استقراره أو ارتفاعه بأكثر من المتوقع سينعكس هذا بالسلب بشكل كبير على أداء الذهب، منذ كون التقرير يعكس أوضاع قطاع العمالة التي لها تأثير كبير على معدلات التضخم وعلى قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي.
جيروم باول أشار في خطابه الأخير أن قرارات البنك ستعتمد على البيانات الاقتصادية، وهو ما يعني أن الذهب سيتفاعل مع كافية البيانات التي تصدر كنتيجة طبيعية لتأثير هذه البيانات على مستويات الدولار الأمريكي.
وعلى الرغم من إمكانية عودة الذهب إلى التراجع من جديد بشكل قد يدفعه إلى مستويات 1900 دولار للأونصة، إلا أن الذهب استطاع أن يظهر مرونة كبيرة في مستويات الأسعار التي عكست خسائرها بشكل سريع واستطاعت الاستقرار والتداول فوق المستوى 1900 دولار للأونصة.
السبب وراء ذلك هو الطلب من قبل البنوك المركزية العالمية المتزايد بشكل كبير على الذهب كتنويع للاحتياطيات النقدية لديهم، خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية التي دفعت البنوك المركزية حول العالم للجوء إلى الذهب كملاذ آمن واستثمار بديل ساعد الذهب على تخطي العديد من الأزمات.
أيضاً موجة التضخم التي ضربت الاقتصاد العالمي زادت من الطلب المحلي في العديد من دول العالم على الذهب كتحوط ضد التضخم وهو الأمر الذي ساهم في حفاظ الذهب على مستوياته وعدم حدوث انهيارات سعرية كبيرة حتى الآن على الرغم من مستويات الفائدة القياسية.