شهدت أسعار الذهب في مصر خلال الأسبوع الماضي تحركات معتدلة تميل إلى الارتفاع ولكنه بشكل عام يتداول في نطاق سعري ثابت، حيث تأثرت الأسعار المحلية بارتفاع سعر الأونصة العالمية بالإضافة إلى الترقب الحالي في السوق المصري بسبب الأحداث القادمة.
افتتح سعر الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم السبت عند 2275 جنيه للجرام، وذلك بعد أن اختتم الذهب تداولات الأسبوع الماضي عند المستوى 2270 جنيه للجرام مرتفعاً بمقدار 10 جنيهات للجرام مقارنة مع سعر افتتاح الأسبوع.
وقال تقرير جولد بيليون، أن الذهب قد حاول في أكثر من مناسبة خلال الأسبوع الماضي اختراق المستوى 2300 جنيه للجرام، ولكن في النهاية افتقر الذهب للحافز الكافي لاختراق هذا المستوى لتستقر التداولات أسفله.
الطلب على الذهب في الأسواق المحلية مؤخراً شهد بعض التغيير خاصة منذ تقرير وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني الأخير بتوقعها بانخفاض الجنيه المصري مقابل الدولار إلى مستويات 37 جنيه لكل دولار من مستوياته الحالية عند 30.95 جنيه لكل دولار، وذلك بحلول نهاية العام.
عمل هذا على زيادة الاشاعات والتوقعات أن مصر على موعد مع تعويم رابع في مستويات الجنيه المصري خلال الفترة القادمة، خاصة أن الشهر القادم قد يشهد مراجعة صندوق النقد الدولي لبرنامجه لإقراض مصر 3 مليار جنيه خلال 46 شهر والذي حصلت مصر على الشريحة الأولى من البرنامج في ديسمبر الماضي وقيمتها 347 مليون دولار.
أحد أهم طلبات الصندوق من الحكومة المصرية هو تحقيق مرونة في سعر الصرف، أو بمعنى آخر حدوث خفض جديد في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الأمريكي.
خفضت مصر سعر صرف عملتها المحلية 3 مرات منذ مارس 2022 وحتى يناير الماضي، ليهوي سعر الجنيه المصري مقابل الدولار بنحو أكثر من 95% منذ بداية الأزمة الروسية الأوكرانية في مارس 2022، ليُتداول حالياً عند 30.95 جنيه لكل دولار في البنوك الرسمية.
حدوث تعويم جديد من شأنه أن يحدث تغيير كبير في سعر صرف الدولار في السوق الموازية، وهو السعر الذي يُستخدم في تسعير الذهب المحلي، وهو ما قد يدفع أسعار الذهب إلى الارتفاع خلال الفترة القادمة،ولكن حتى الآن لا يوجد تأكيد أو نفي لهذا الإجراء من قبل الجهات الرسمية، والأسواق في حيرة من أمرها خاصة في ظل التصريح الأخير من قبل الرئيس المصري أن سعر الصرف أمن قومي لمصر، وبالتالي تبقى تحركات الذهب في حالة من الغموض.
سعر صرف الدولار في السوق الموازية ارتفع مؤخراً وساهم في ارتفاع أسعار الذهب لتستقر فوق المستوى 2250 جنيه للجرام، وذلك بعد انتهاء الحركة العنيفة في سوق الذهب مطلع الأسبوع قبل الماضي.
الذهب في البورصة العالمية:
استطاع الذهب أن ينهي تداولات الأسبوع المنتهي على ارتفاع ليعود الارتفاع الأسبوعي الأول بعد 4 أسابيع من الخسائر، ولكن يبقى الغموض هو المسيطر على مستقبل أسعار الذهب على المدى القصير، وذلك بعد خطاب رئيس الفيدرالي الأمريكي أمس والذي لم يقدم جديد للأسواق لبناء نظرة مستقبلية لتحركات المعدن الأصفر.
ارتفعت أسعار الذهب الفوري خلال الأسبوع الماضي بنسبة 1.3% بعد 4 أسابيع متتالية من الهبوط، وخلال هذا الأسبوع سجل الذهب أدنى مستوى في 5 أشهر عند 1884 دولار للأونصة، كما سجل أعلى مستوى في أسبوعين عند 1923 دولار للأونصة قبل أن يغلق عند المستوى 1914 دولار للأونصة، وبحسب تقرير لجولد بيليون.
الارتفاع الأخير في مستويات الذهب قلص من الخسائر التي سجلها خلال شهر أغسطس، فمنذ بداية الشهر وحتى الآن تراجع الذهب بنسبة 2.6%، ولكن استطاع الذهب أن يستقر حالياً فوق المستوى 1900 دولار للأونصة.
تعافي أسعار الذهب خلال الأسبوع الماضي جاء بسبب البيانات الضعيفة التي صدرت عن الاقتصاد الأمريكي بخصوص مؤشر مدراء المشتريات للقطاع الصناعي الأمريكي الذي أظهر توسع انكماش القطاع الصناعي في اغسطس بقيمة 47 بأقل من القراءة السابقة عند 49 والتوقعات 48.9، يذكر أن المستوى 50 يمثل الحد الفاصل بين الركود والانتعاش في المؤشر.
بينما تراجع النمو في قطاع الخدمات الأمريكي ليصبح على حافة الركود في أغسطس وفقاً لمؤشر مدراء المشتريات لقطاع الخدمات الذي سجل 51 من القراءة السابقة 52.3 والتوقعات 52.1.
ضعف بيانات القطاع الصناعي وقطاع الخدمات في الولايات المتحدة يهدد النمو للاقتصاد الأمريكي بشكل عام، وهو الأمر الذي ترجمته الأسواق إلى تقليل فرص رفع أسعار الفائدة من قبل البنك الفيدرالي، خاصة في ظل احتمالات الأسواق بنسبة 85% ألا يقوم الفيدرالي برفع الفائدة في اجتماع سبتمبر القادم.
ولكن بعد خطاب رئيس البنك الفيدرالي جيروم باول في جاكسون هول يوم أمس فقد الذهب الكثير من الزخم الإيجابي لتبقى تحركات غير واضحة خلال الفترة القادم، تصريحات جيروم باول لم تحمل الجديد بالنسبة للأسواق فقد أكد على استمرار هدف التضخم للفيدرالي عند 2% وعلى اعتماد الفيدرالي على البيانات الاقتصادية قبل اتخاذ أي قرار بخصوص أسعار الفائدة، ووصف التحركات القادمة للبنك بالحذرة.
وقال باول : البنك المركزي يمكنه الاستمرار في رفع أسعار الفائدة إذا ظل التضخم مرتفعا بشكل عنيد، إلا أنه أضاف أن السياسة النقدية ستظل تعتمد على البيانات.
في المجمل ظل الفيدرالي متمسك بالتشديد النقدي خاصة مع استمرار التضخم الأساسي السنوي عند 4.3% والتضخم الرئيسي السنوي عند 3.3%، ليستبعد البنك أي خفض في أسعار الفائدة في أي وقت قريب.
الدولار الأمريكي استقر على مكاسبه بعد خطاب باول الذي لم يأتي بجديد بالنسبة للأسواق، فقد ارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية خلال الأسبوع الماضي بنسبة 0.7% مرتفعًا للأسبوع السادس على التوالي.
مؤشر الدولار وجد الدعم من تمسل الفيدرالي بسياسة التشديد النقدي وارتفاع توقعات الأسواق بشأن رفع الفائدة بعد خطاب جيروم باول في جاكسون هول، فالأسواق تسعر الآن احتمال بنسبة 60% أن يقوم الفيدرالي برفع الفائدة 25 نقطة أساس في اجتماع نوفمبر، بالإضافة إلى احتمال بنسبة 25% أن يرفع الفائدة في اجتماع سبتمبر.
أما عن العائد على السندات الأمريكية فقد شهد بعض التذبذب خلال الأسبوع الماضي، فقد ارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى منذ 15 عام عند 4.362% قبل أن ينهي تداولات الأسبوع على تراجع طفيف بنسبة 0.4% عند المستوى 4.239%.
حقيقة تداول عوائد السندات بالقرب من أعلى مستوياته منذ 15 عام، واستقرار تداول السندات قصيرة الأجل فوق المستوى 5%، ساعد الدولار في ارتفاعه وفي نفس الوقت حد من مكاسب الذهب خلال الأسبوع الماضي.
تكلفة الفرصة البديلة منذ كون الذهب أصل لا يقدم عائد لحائزيه تسبب في توقف مكاسب الذهب، وتزيد من غموض نظرته المستقبلية على المستويات اللحظية والقصيرة، خاصة بعد أن رمى جيروم باول في خطابه الكره في ملعب البيانات الاقتصادية من جديد.
لماذا ارتفع كل من الدولار والذهب الأسبوع الماضي رغم العلاقة العكسية بينهما؟
ارتفعت مستويات الذهب والدولار خلال الأسبوع الماضي على عكس المعتاد، فمنذ كون الذهب سلعة تسعر بالدولار تتحكم بينهما علاقة عكسية في تحركاتهما تسيطر عليها في أغلب الأوقات، ولكن لم يحدث هذا خلال الأسبوع الماضي، وفق جولد بيليون.
في الحقيقة السبب الرئيسي وراء كسر هذه العلاقة بينهما كان ضعف الدولار غير الظاهر وقوة الذهب الواضحة بدعم من ارتفاع الطلب عليه في الأسواق المالية هذا الأسبوع.
الدولار الأمريكي عانى من الضعف بسبب البيانات السلبية التي صدرت الأسبوع الماضي بخصوص أداء القطاع الصناعي وقطاع الخدمات، ولكنه لم ينخفض بسبب الدعم القوي الذي حصل عليه من ضعف اليورو الذي يمثل 57.6% من مكونات مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الفيدرالي، وبالتي كانت النتيجة النهائية لصالح ارتفاع الدولار على الرغم من ضعفه الحقيقي.
وقد اتضح هذا في أداء الذهب القوي الذي استطاع الارتفاع من أدنى مستوياته في 5 أشهر واختراق المستوى النفسي 1900 دولار للأونصة، ومنطقة المقاومة حول 1910 دولار للأونصة، ولم يبدي تأثر كبير بخطاب رئيس الفيدرالي ليغلق تداولات الأسبوع على ارتفاع.
لجنة تداول السلع الآجلة (COT) تظهر استمرار قوة الطلب على عقود البيع
أظهر تقرير التزامات المتداولين المفصّل الصادر عن لجنة تداول السلع الآجلة، والذي يُظهر وضع المضاربة على الذهب للأسبوع المنتهي في 22 اغسطس، ارتفاع كبير في الطلب على عقود بيع الذهب بمقدار 12452 عقد مقارنة مع التقرير السابق، بينما عاد الطلب على عقود شراء الذهب إلى الانخفاض بمقدار 6738 عقد مقارنة مع التقرير السابق.
اظهر التقرير أيضاً ارتفاع إجمالي قرارات التداول على عقود شراء الذهب إلى 248 أمر تداول بينما وصلت أوامر التداول على عقود بيع الذهب إلى 179 أمر تداول.
البيانات المتأخرة الصادرة عن تقرير لجنة تداول السلع الآجلة (COT) تظهر ارتفاع كبير في الطلب على عقود بيع الذهب في ظل استمرار تمسك البنك الفيدرالي في التشديد النقدي، إلى جانب استمرار خروج الاستثمارات من أسواق الذهب لصالح أسواق السندات.
أيضاً حقيقة أن الذهب يتداول في بيئة تشهد معدلات فائدة مرتفعة سواء في الولايات المتحدة أو المنطقة الأوروبية عند أعلى مستوياتها، الأمر الذي يمثل ضغط سلبي على أسعار الذهب بشكل عام ويدفع الاستثمارات إلى الخروج لأسواق السندات.
انحسار المخاوف من التباطؤ في الولايات المتحدة وارتفاع عوائد السندات والأداء القوي للأسهم أدى إلى تآكل تدريجي لجاذبية الصناديق المتداولة في البورصة (ETF) المدعومة بالذهب كملاذ آمن هذا العام.
100 صندوق استثمار يخفض حيازته من الذهب
فقد أعلن مجلس الذهب العالمي عن انخفاض إجمالي حيازات أكثر من 100 صندوق استثمار متداول للذهب يتتبعها المجلس إلى 3348 طن من الذهب حتى 18 أغسطس الماضي، وهو أدنى مستوى تم تسجيله منذ ابريل عام 2020 عند كانت الحيازات عند 3330 طن.
هذا وقد أعلن صندوق SPDR أكبر صندوق استثماري مدعوم بالذهب في العالم عن تراجع إجمالي حيازاته من الذهب إلى أدنى مستوى منذ عام 2020. كما لم يتم الإبلاغ عن أي تدفقات داخلة للصندوق منذ أواخر شهر يوليو الماضي وحتى يوم الجمعة قبل الماضية حين بدأت التدفقات في العودة بنسبة 0.3%.
صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب خسرت ما يصل إلى 12 طن من الذهب الذي خرج من حيازتها خلال الأسبوع قبل الماضي، ليمثل هذا الأسبوع الـ 13 على التوالي الذي يسجل صافي لخروج التدفقات النقدية من صناديق الاستثمار.
ماذا ننتظر من الذهب خلال الأسبوع القادم
وترى جولد بيليون، أن البنك الفيدرالي لم يقدم معطيات كافية للأسواق عن مستقبل سياسته النقدية وتحركات الفائدة، وأكد استمرار الاعتماد على البيانات الاقتصادية وتقييم الوضع قبل كل قرار للبنك الفيدرالي، ومن هنا يأتي الغموض في تحديد مسار الذهب على المدى القصير.
الأسبوع القادم يحمل عدد من البيانات الاقتصادية الهامة والمؤثرة على تحركات الذهب، حيث ستصدر بيانات قطاع العمالة خلال الأسبوع لينتهي الأمر بصدور تقرير الوظائف الحكومي يوم الجمعة القادمة.
الذهب سيتحرك وفقاً للبيانات فمع كل انتعاش في البيانات الاقتصادية الامريكية سيتأثر الذهب بالسلب نظراً لأن البيانات تدعم استمرار التشديد النقدي، بينما البيانات الضعيفة خاصة عن قطاع العمالة ستساهم في انتعاش الذهب لأنها ستعكس عدم حاجة الفيدرالي إلى مزيد من التشديد.
المستويات التي يتداول عندها الذهب حالياً حيادية إلى حد ما، ويمكننا القول أن الهبوط يحدث في الذهب عند كسر المستوى النفسي 1900 دولار للأونصة، بينما يسيطر الصعود مع اختراق منطقة 1930 دولار للأونصة.
توقعات أسعار الذهب في مصر والبورصة العالمية
اغلاق الذهب الأسبوع الماضي فوق المستوى 1910 دولار للأونصة أعطى للذهب ميزة إيجابية بعض الشيء، ولكنه يبقى في نطاق حيادي قد يدفع الأسعار إلى التحركات العرضية بين مستويات 1910 – 1925 دولار للأونصة، خاصة بعد انتهاء التشبع في البيع على المؤشرات الفنية التي ساهمت بشكل كبير في ارتفاع الذهب الأسبوع الماضي.
منطقة المستوى 1925 دولار للأونصة هي المقاومة الثانوية حالياً واختراقها يصل بالذهب إلى منطقة المقاومة الرئيسية حول المستوى 1930 – 1940 دولار للأونصة التي تشمل المتوسط المتحرك لـ 50 يوم و100 يوم بالإضافة إلى المستوى التصحيح بنسبة 50%.
وبالنسبة لأسعار الذهب محلياً نجد أن الأسعار أغلقت تداولات الأسبوع تحت المستوى 2300 جنيه للجرام عيار 21 بعد أن فشلت كل محاولات اختراق هذا المستوى، وقد يعمل هذا على بقاء أسعار الذهب في التذبذب تحت هذا المستوى أو يدفعها إلى التراجع حتى مستويات 2250 جنيه للجرام لتجميع زخم إيجابي جديد.
لكن ستظل المحاولات مستمرة لاختراق المستوى 2300 جنيه للجرام بدعم من تداول الأونصة العالمية فوق المستوى 1900 دولار للأونصة، وفي حالة نجاحه في اختراق هذا المستوى يستهدف المستوى 2330 ومن بعده المستوى 2350 جنيه للجرام.