تحاول أسعار الذهب اليوم الأربعاء التعافي من أدنى مستوياتها في شهر واحد التي سجلتها في الجلسة السابقة، حيث تراجع الدولار وعوائد السندات قبل يوم من إصدار بيانات أسعار المستهلكين الأمريكية التي قد تساعد على إظهار مسار الفائدة القادم من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي.
ارتفعت أسعار الذهب الفورية خلال تداولات اليوم الأربعاء بنسبة 0.2% لتتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1927 دولار للأونصة، وذلك بعد انخفاض خلال جلسة الأمس بنسبة 0.6% لتسجل أدنى مستوى منذ شهر عند 1922 دولار للأونصة.
تتداول أسعار الذهب حالياً عند مستويات حرجة تحت المستوى 1930 دولار للأونصة والذي يفتح الباب لمزيد من الهبوط في الأسعار حتى منطقة تداولات الـ 1900 دولار للأونصة، يأتي هذا بعد فشل الذهب في اختراق منطقة المقاومة عند 1940 – 1950 دولار للأونصةؤ بحسب تحليل جولد بيليون.
التراجع الملحوظ في أسعار الذهب أمس جاء بسبب تزايد الإقبال على الدولار وعوائد السندات في ظل عزوف المستثمرين عن المخاطرة وتوجههم إلى الدولار والسندات الحكومية الأكثر أماناً بالنسبة لهم حالياً.
وخفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف 10 بنوك صغيرة ومتوسطة الحجم، بينما وضعت 6 بنوك كبار على علم بخفض تصنيفهم في المستقبل، ويعكس القرار خلفية صعبة للقطاع المصرفي، وسط منافسة شديدة لجذب الودائع في أعقاب الأزمة المصرفية لهذا العام، واستشهدت وكالة موديز بتكاليف التمويل المتزايدة وضغوط الربحية وتباطؤ نمو القروض كموضوع مشترك في أرباح الربع الثاني للبنوك.
تسببت هذه الأحداث في عزوف المستثمرين عن المخاطرة يوم أمس الأمر الذي انعكس بشكل إيجابي على مؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية والذي ارتفع يوم أمس بنسبة 0.4%.
من جهة أخرى استقر العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات فوق المستوى 4% وهو ما زاد من الضغط السلبي على أسعار الذهب الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع كل من الدولار وعوائد السندات الحكومية.
واليوم تعود أسعار الذهب إلى التعافي ولكن لا يزال الضغط السلبي هو المسيطر على الذهب، وقد تشهد الأسواق بعض التعافي وتصحيح في مستوياتها قبل صدور تقرير التضخم يوم غد عن الاقتصاد الأمريكي والذي من المتوقع أن يدفع الأسواق إلى التحرك لمستويات جديدة.
أسباب عدم استفادة الذهب من عزوف المستثمرين عن المخاطرة
ويكشف التحليل الفني لجولد بيليون أنه بعد بيانات الصين وتخفيض تصنيف عدد من البنوك الأمريكية شهدت الأسواق المالية حالة من عزوف المستثمرين عن المخاطرة اتضح في عمليات البيع على الأسهم الأمريكية والتراجع في العملات الرئيسية لحساب الدولار الأمريكي، ولكن الذهب لم يحقق استفادة من هذا على الرغم من كونه الملاذ الآمن في الأسواق.
لم يستطع الذهب أن يلعب دور الملاذ الآمن في الأسواق أمس بسبب الضغط السلبي الواقع عليه من التوقعات أن بيانات التضخم التي تصدر غداً عن الاقتصاد الأمريكي ستشهد ارتفاع أعلى من المتوقع خلال شهر يوليو، وهو ما يزيد من فرص استمرار البنك الفيدرالي في التشديد النقدي في رفع أسعار الفائدة مرة إضافية خلال المتبقي من هذا العام.
وخلال شهر يوليو الماضي ارتفعت أسعار النفط الخام الأمريكي بأكثر من 16% ليرتفع سعر برميل النفط بأكثر من 11 دولار، ليستكمل منذ بداية شهر أغسطس الارتفاع ويتداول حالياً عند المستوى 83 دولار للبرميل.
ارتفاع أسعار النفط الخام يزيد من الضغوط التضخمية على الولايات المتحدة الأمريكية، ويجعلنا نتوقع أن قراءة التضخم القادمة ستكون اعلى من التوقعات، وبالتالي يعود سيناريو رفع الفائدة من قبل الفيدرالي إلى الواجهة من جديد وهو ما دفع الذهب إلى التراجع الذي شاهدناه أمس وتخليه عن دوره كملاذ آمن في الأسواق.
استمرار خروج التدفقات النقدية من صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب
يفقد الذهب دعم جديد يتمثل في المزيد من عمليات تسييل الذهب في المنتجات المتداولة في البورصات المدعومة بالذهب، وهو ما يظهر في خروج التدفقات النقدية من صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب.
وشهد شهر يوليو الماضي خروج استثمارات بقيمة 2.3 مليار دولار لتتراجع حيازة صناديق الاستثمار من الذهب بمقدار 34 طن، ليمثل هذا الشهر الرابع على التوالي من خروج التدفقات النقدية خارج صناديق الاستثمار.
منذ بداية العام وحتى نهاية شهر يوليو خرجت استثمارات من الصناديق بمقدار 4.9 مليار دولار ما يقدر بـ 84 طن ذهب، ولكن مرونة أسعار الذهب خلال هذا العام ساعدت على ارتفاع الأصول المدارة في الصناديق بنسبة 2% لتصل إلى 215 مليار دولار.
السياسات النقدية من البنك الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأوروبية تواصل الهيمنة على الطلب الاستثماري في سوق الذهب. ومع ذلك من المتوقع أن يكون البنك الفيدرالي قد اقترب من نهاية دورة التشديد النقدي مما يوفر بعض الدعم للذهب خلال الفترة القادمة.
حالة عدم اليقين المستمرة في السوق من شأنها أن تستمر في دعم أسعار الذهب، حتى لو ظلت حركة السعر مشوشة حتى نهاية أغسطس.
بشكل تاريخي كان شهر أغسطس من أقوى شهور الذهب، ولكن هذا العام قد يكون مختلف خاصة مع عدم وضوح سياسة البنك الفيدرالي وموعد إنهاء دورة رفع الفائدة بالإضافة إلى البيانات الاقتصادية الأمريكية التي لا تقدم توجه صريح للسياسة النقدية وتزيد من عدم اليقين بالنسبة للذهب.
أسعار الذهب في مصر
شهدت أسواق الذهب في مصر تحركات طفيفة منذ جلسة الأمس وذلك على الرغم من تغيرات في السعر العالمي، وهو ما يعكس حالة الاستقرار التي يشهد السوق المحلي خلال الفترة الأخيرة وعدم تأثره بالتغيرات في السعر العالمي.
وسجل سعر جرام الذهب عيار 21 الأكثر شيوعا اليوم الأربعاء 2160 جنيه للجرام، بعد أن افتتح جلسة الأمس عند المستوى 2155 جنيه للجرام، بينما سجل سعر الجنيه الذهب اليوم 17280 جنيه.
الملاحظ أنه منذ بداية شهر أغسطس وحتى الآن انخفض سعر الأونصة العالمية في حدود 2% وفقد السعر قرابة 38 دولار، ولكن في نفس الفترة في السوق المحلي نجد أن السعر قد ارتفع 5 جنيهات فقط وكان التذبذب هو المسيطر من خلال حركات ضعيفة في نطاق ضيق، وفق تحليل جولد بيليون.
ما يحدث حالياً في السوق المحلي هو انفصال عن تغيرات السعر العالمي والسبب الرئيسي وراء هذا هو ثبات عوامل التسعير في السوق المحلي، ما أدى إلى تجاهل عامل التأثر بتحركات السعر العالمي في سوق الذهب المحلي.
تصريح الرئيس عبد الفتاح السيسي بكون سعر الصرف أمن قومي زاد من التوقعات باستقرار سعر صرف الدولار في الأسواق سواء الرسمية أو الموازية لفترة من الوقت، قدرتها الأسواق حتى سبتمبر المقبل قبل المراجعة الأولى لصندوق النقد الدولي بشأن برنامجه التمويلي لمصر بقيمة 3 مليار دولار.
وفقاً لهذا استقر الطلب على الدولار في السوق الموازية وهدأت أسعاره الأمر الذي انعكس على أسعار الذهب، بينما نجد أن الطلب المحلي على الذهب شهد تراجع ملحوظ أيضاً في ظل تراجع مستويات السيولة النقدية لدى المشاركين في الأسواق منذ انتهاء السيولة الخاصة باستحقاق شهادات الـ 18%.
من جهة أخرى مبادرة واردات الذهب بدون رسوم جمركية قد ساهمت في دخول 600 كيلو جرام من الذهب حتى الآن، الأمر الذي زاد من المعروض من الذهب في الأسواق المحلية ليواجه الطلب الضعيف وبالتالي تحقق استقرار وتوازن بشكل كبير في الأسواق.
البنك المركزي المصري قام خلال اجتماعه يوم الخميس الماضي برفع أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس لتصل إلى 19.25% من أجل العمل على تفادي الضغوط التضخمية والسيطرة على توقعات التضخم.
يعد هذا القرار الثاني خلال العام من قبل المركزي المصري برفع الفائدة بعد أن قرر في مارس الماضي رفع الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، وكان البنك في عام 2022 قد رفع الفائدة بمقدار 800 نقطة أساس.
يذكر أن المعدل السنوي للتضخم قد ارتفع بنسبة 35.7% خلال شهر يونيو الماضي مقارنة مع القراءة السابقة بنسبة 32.7%، بينما ارتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 41% في يونيو مقارنة مع قراءة مايو بنسبة 40.3%.
وبالنسبة لسعر الصرف فقد استقر سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الرسمي عند مستويات 30.95 جنيه لكل دولار، وسط توقعات استقرار سعر الصرف الرسمي لفترة أطول من الوقت. أيضاً لم يحدث تغيرات تذكر على سعر صرف الدولار في السوق الموازية والذي يتم تسعير الذهب من خلاله.
هذا وقد ارتفع احتياطي النقد الأجنبي لمصر خلال شهر يوليو الماضي ليصل إلى 34.9 مليار دولار بزيادة مقدارها 71.7 مليون دولار. لتستمر الزيادة الشهرية في احتياطي النقد الأجنبي منذ سبتمبر 2022 ارتفع الاحتياطي خلالها بمقدار 1.72 مليار دولار.
أشار البنك الدولي أن مصر يتعين عليها سداد 15.3 مليار دولار خلال الربع الثالث من العام الجاري منها 7.7 مليار دولار ودائع معظمها للدول الخليجية التي يتم تجديدها باستمرار.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
فشل أسعار الذهب في اختراق منطقة 1940 – 1950 دولار للأونصة دفعه إلى مزيد من الهبوط ليتداول حالياً تحت 1930 دولار للأونصة الذي يعد الحد السفلي لمنطقة التداولات العرضية، ليواجه منطقة دعم ثانوية عند 1920 – 1925 دولار للأونصة.
استمرار ضغوط البيع على الذهب قد يدفع الأسعار إلى مستويات الـ 1900 – 1910 دولار للأونصة، والتي يتواجد عندها المستوى التصحيحي 61.8% بالإضافة إلى المتوسط المتحرك لـ 200 يوم.
بيانات التضخم الأمريكية التي تصدر يوم غد سيكون لها تأثير على حركة الذهب وتحديد اتجاهه على المدى القصير، ولكن الاتجاه الصاعد يتطلب اختراق السعر بنجاح وتداوله فوق المستوى 1950 دولار للأونصة.
وبالنسبة لأسعار الذهب محلياً نجد أن سعر جرام الذهب عيار 21 يستمر في الحركة في نطاقات ضيقة بين 2150 – 2175 جنيه للجرام وكسر هذه المنطقة لأسفل يفتح الباب لمناطق 2130 – 2120 جنيه للجرام والتي قد يراها البعض مناسبة للشراء.