فى مقال سابق تحدثت بإيجاز عن نظرية الحوادث الطارئة باعتبار أن تداعيات كورونا لاتخرج عن كونها حادث طارىء من الناحية القانونية والتى نظمت أحكام النظرية المادة 198 مدنى كويتى و147 الفقرة الثانية مدنى مصرى
وفِي هذه الأونة ربما تداعيات كورونا تنعش وتيقظ لنا نص أخر من نصوص القانون المدني وهو النص المتعلق بجواز أن يمنح القاضى المدين نظرة الميسرة وتطبيق القاضى لمبدأ نظرة الميسرة هو خروج عن الأصل العام المقرر فى الالتزمات وهو الفورية فى التنفيذ متى ترتب فى ذمة المدين على وجه بات ونهائى ما لم يكن معلقاً على شرط أو وجود اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك ولكن الخروج فى هذه الحالة مقرراً بنص القانون جوازي للقاضى حسب ما يتراء له بعد التحقق من توافر الشروط
وبالرجوع إلى مصادر الأجل نجدها ثلاث
( القانون والاتفاق والقضاء )
والفقه الفرنسى يسمى هذا النوع من الأجل الأجل المستحق قانوناً ويسمية الفقه المصرى نظرة الميسرة
ونوجز شروط نظرة الميسرة الأربعة فى الأتى :
1-أن تكون حالة المدين تستدعى هذه النظرة والعناصر الرئيسية التى يقدر القاضى بمقتضاها التعرف على حالة المدين هو حسن النية ورغبته فى الوفاء بالدين وأن حالة الضيق الذى يمر بها مؤقته ولديه من الموارد ما يكفى للوفاء بدينه وأن يرى القاضى مبادرة المدين بإتخاذه من التدابير ما ييسر له هذا الوفاء وأن يكون الوفاء الفورى له بكل الدين يلحق به ضررا جسيماً
2-أن لا يكون فى منح الدائن النظرة ضرراً جسيماً بالدائن كتضيع صفقة عليه أواعتماد الدائن على هذا الدين ليفى ديناً عليه لأخر
3-ألا يقوم مانع قانونى من نظرة الميسرة مثل بعض النصوص القانونيه التى تجيز الاتفاق على الفسخ فى حال عدم الوفاء بالالتزام فى الموعد وأيضاً ما نص عليه المشرع صراحة فى الكمبيالات والسندات الاذنيهة والسندات لحاملها
4- أن يكون الأجل الذى يمنحه القاضى معقولاً بما لا يعطل معه حق الدائن إلا إذا اقتض ذلك ظروف استثنائية خاصة
وإذا توافرت الشروط الاربعة يجوز للقاضى منح الأجل أو أجال متعددة مع تقسيط الدين أو الالتزام إذا كان قابل للتقسيط
وتوافر الشروط لايُلزم القاضى بإعمال النظره ومنح الأجل حيث أن المشرع جعل الأمر جوازى للقاضى وترك له السلطة التقديرية فى ذلك دون رقابة محكمة النقض أو التمييزعليه فيما إنتهي إليه طالما كان استخلاصه سائغاً وله ما يبرره فى أوراق الدعوى
وهذه القاعدة من النظام العام ومن ثم لايجوز الاتفاق على مخالفتها وإذا اتفقا على ذلك كان الاتفاق باطلاً ولا يمنع القاضى من تطبيق أحكام النظرة وللقاضى من تلقاء نفسه إعمال النظرة وللمدين طلبها فى أى مرحلة عليها الدعوى ولو لأول مره امام الأستئناف
ويترتب على نظرة الميسرة ما يترتب على الأجل الواقف بوجه عام ويسقط الأجل فى نظرة الميسرة بما يسقط به الأجل الاتفاقى مثل إفلاس المدين أو إعساره أو إذا اضعف المدين ما أعطى الدائن من تأمين خاص
وقد نظم المشرع المصرى أحكام نظرة الميسرة فى الفقرة الثانية من نص المادة 346 مدنى والمشرع الكويتى فى الفقرة الثانية من نص المادة 410 من القانون المدنى
وقد يكون لهذة القاعدة القانونية نظرة الميسرة مصدراً من القرأن الكريم فى قوله تعالى الأية 280من سورة البقرة
وأن كَانَ ذُو عُسرةٍ فنظرةُ إلَى مَيسرةٍ