الآن و في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة يجب أن نفكر مليا في تعظيم الاستفادة من علاقاتنا الاقتصادية و خاصة في قارتنا الأفريقية ، ففي الوقت الذي يتجه فيه العالم نحو القارة السمراء للإعتماد على أسواقها في تحقيق ربحية أعلى يتحتم علينا نحن أن يكون لنا السبق في التواجد النشط فيها باعتبارنا جزء لا يتجزأ منها جغرافيا و تاريخيا .
و أثناء زيارتي الي دولة جنوب أفريقيا في نوفمبر الماضي لحضور مؤتمر التجارة البينية الأفريقية الذي نظمه البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد بالتعاون مع سكرتارية الاتحاد الإفريقي ومنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية ، وجدت الكثير يتحدث عن اعتزام مصر إنشاء طريق دولي يمتد من القاهرة إلى كيب تاون، ذلك المحور التنموي الذي سيضم 9 دول أفريقية من شمال القارة إلى جنوبها تمثل أكثر من ثلث سكان أفريقيا ، ربما كان الخبر على وقع مسامعنا مبادرة اقتصادية مهمة لتحقيق الإندماج الأفريقي و إبرازا لدور مصر في قدرتها على قيادة قاطرة التنمية الأفريقية نحو المزيد من نمو العلاقات الاقتصادية و التجارية ، و لكن بالنسبة لهم كان الأمر أبعد من مجرد مشروع تنموي ، و ظهر ذلك في ردود أفعالهم المتباينة ما بين الأمل في تطبيق حقيقي للتكامل الاقتصادي الأفريقي و ما بين الخوف من أن تكون المبادرة مجرد طريق آخر.
أفريقيا التي عانت من الاستعمار السياسي و الاقتصادي و الفكري عقودا كثيرة لا زالت ترى المستعمر في أسواقها و شوارعها و بيوتها بل ومازالت ترى بلادها بيئة خصبة لزراعة أفكار و مقترحات و مبادرات دولا مختلفة تطمح في الاعتماد على مواردها و أسواقها لتحقيق نمو اقتصادي لها ، و لكنها تنظر إلى مصر نظرة مختلفة تماما فهي تنظر إليها كنموذج للتنمية و شريك هام في تحولها الإقتصادي باعتبارها جزءا منها و إن غابت عنها في أحيان كثيرة في الماضي و بمثابة دول أقتصادية كبرى نبعت من نفس بيئتها و تقاسمها حلمها و مستقبلها. و منها يتوجب على الصناع المصريين الاستفادة من هويتهم المصرية في تحقيق تواجدا أكبر في أفريقيا خاصة و أنها دائما ما تفضل الصناعة المصرية في تعاملتها و لكنها تصطدم لاحقا بغياب آليات التواصل الفعال و مرونة القائمين عليه و يكمن تحقيق الاستفادة الأكبر في خلق قنوات اتصال مستمرة معهم يوميا ليس فقط من أجل المعاملات التجارية الحالية بل و المستقبلية من خلال برامج شراكة واضحة و محددة.
التكامل الإقتصادي مع أفريقيا الآن لم يعد فرصة متاحة بل أصبح حتمية و ضرورة قصوى ، ليس فقط من خلال الاتفاقيات الاقتصادية و التجارية فقط بل من خلال تخطيط نماذج أعمال ناجحة يكون فيها الطرف الأفريقي شريك و ليس مجرد طرف، لابد من الانغماس في الأسواق الأفريقية و تحقيق إنتشارا أكبر و التعاون معهم في مشروعاتهم التنموية ، لابد من دراسة ثقافاتهم قبل أسواقهم ، طموحاتهم قبل احتياجاتهم ، فعندما يضع فيك ثقته سوف يدلك على آليات النجاح في بلاده و سيعمل معك كشريك لك في نجاحك و سيدلك على طريق آخر من كيب تاون إلى القاهرة .
إقرأ أيضاً :
عمر رشدي يكتب لـ”صناع مصر”.. العبور الآمن من التحديات الاقتصادية