لم يعد تدريب الموظفين رفاهية أو نشاطًا تكميليًا داخل المؤسسات الحكومية، بل أصبح ضرورة وطنية مرتبطة مباشرة بكفاءة الخدمات، ورضا المواطن، وتحقيق رؤية مصر 2030 التي وضعت تطوير العنصر البشري في مقدمة أولوياتها. فالعالم يتغيّر بسرعة، والتكنولوجيا أصبحت شريكًا أساسيًا في العمل، ومن لا يتطور… يتوقف.
تحول رقمي يلمسه كل مواطن
اليوم، لم نعد بحاجة للوقوف في طوابير طويلة أو حمل ملفات ضخمة بين المكاتب الحكومية.
أصبح الهاتف المحمول هو “النافذة الرسمية” لإنجاز خدمات كثيرة خلال دقائق.
يمكننا دفع فواتير الكهرباء والغاز والمياه بضغطة واحدة، وتحويل الأموال عبر التطبيقات البنكية، واستخراج مستندات حكومية إلكترونيًا دون زيارة أي مصلحة.
هذه الثورة الرقمية لم تكن لتظهر لولا تدريب العاملين على استخدام الأنظمة الجديدة، وفهم مهارات التواصل الرقمي، وتقديم الخدمة بطرق أسرع وأكثر شفافية.
الموظفون هم قلب الدولة
أجهزة الدولة يمكن أن تمتلك أحدث البرامج والأنظمة، ولكن من يديرها؟
الموظف الحكومي هو نقطة التواصل الأولى بين المواطن والحكومة، وأي تطوير حقيقي يبدأ من تطويره هو… وليس من المباني أو الأجهزة.
التدريب يغيّر الكثير:
- يرفع كفاءة الخدمة
- يقلل الأخطاء
- يختصر الوقت والجهد
- يزيد رضا المواطنين
- ويساعد المؤسسات على الانتقال للرقمنة دون تعطيل
رؤية مصر 2030 وبناء الإنسان
رؤية مصر 2030 أكدت بشكل واضح أن الاستثمار في البشر هو أساس التنمية.
ولذلك شهدت السنوات الأخيرة توسعًا كبيرًا في برامج التدريب الحكومية، من أبرزها:
- التحول نحو الأرشفة الإلكترونية
- ميكنة الخدمات الحكومية
- تدريب الموظفين على أنظمة الدفع الإلكتروني
- نشر ثقافة التعامل الذكي مع المواطنين
هذا الاهتمام أعاد الثقة، وجعل المجتمع يشعر أن الحكومة أقرب وأسهل وأكثر تطورًا.
نموذج واقعي… التطبيقات البنكية
قبل سنوات، كان تحويل الأموال أو دفع فاتورة يحتاج وقتًا طويلًا ومواصلات ومكاتب.
اليوم، بضغطة زر على تطبيق البنك يتم كل شيء فورًا.
الأمر نفسه في:
✔ فاتورة الكهرباء
✔ فاتورة الغاز
✔ اشتراكات الإنترنت
✔ خدمات حكومية إلكترونية
كلها أصبحت “أونلاين” لأن هناك من تم تدريبه ليقدّمها بكفاءة، ويتعامل مع المتغيرات الرقمية بثقة واحتراف.
تجارب دول نجحت لأنّها استثمرت في التدريب
دول مثل اليابان، سنغافورة، وكوريا الجنوبية لم تتقدم بسبب التكنولوجيا فقط، بل لأن الموظف الحكومي هناك يتم تدريبه باستمرار على أحدث الأنظمة والخدمات الرقمية.
ودول عربية مثل الإمارات قدّمت نموذجًا رائعًا:
كل موظف يتلقى تدريبًا إلزاميًا سنويًا، وتم إطلاق خدمات حكومية إلكترونية كاملة، حتى أصبحت من أسرع الدول إنجازًا للمعاملات، والأمر كله بدأ من “تدريب العنصر البشري”.
تدريب الموظفين ليس خيارًا… بل مستقبل
التحول الرقمي لا يتوقف، والتكنولوجيا لا تنتظر من يتأخر.
والمجتمع الذي يريد التقدم يحتاج موظفًا يتعلّم باستمرار، ويواكب التطور، ويفهم أن خدمة المواطن هي الهدف الأول.
إن تدريب الموظفين في الدوائر الحكومية هو الخطوة التي تجعل دولتنا أسرع، أذكى، وأقوى… وتجعل حياة المواطن أسهل بكثير.
وفي النهاية… الإنسان هو من يصنع التكنولوجيا، وليس العكس، وكلما استثمرنا في تدريب الموظف، ازدهرت المؤسسة، وتقدّم الوطن، وأصبح المستقبل أقرب مما نتصور.
سفيرة التدريب – د. أحلام كمال
كاتبة وناشطة في تطوير رأس المال البشري.













