كمتابع للسوق المصري، وواحد من العاملين وسط التحديات اليومية التي نعيشها، لفت انتباهي مؤخرًا ما أقدمت عليه شركة العربي من خطوة ريادية جريئة بخفض أسعار منتجاتها. بالنسبة لي، كانت هذه الخطوة إشارة قوية إلى أن هناك شركات كبرى بدأت تضع مصلحة السوق واستقراره في المقدمة، قبل التفكير في هامش الربح الفوري.
هذه المبادرة لا تؤثر فقط على حركة السوق داخليًا، بل تمهد أيضًا لبناء قاعدة صلبة تدعم التصدير وتعزز قوة العملة الوطنية على المدى الطويل.
الأثر على السوق
كبح التضخم: تخفيض الأسعار من علامات كبرى يكسر موجة الزيادات ويفتح الباب أمام اتجاه هابط للأسعار.
تنشيط القوة الشرائية: انخفاض الأسعار يشجع المستهلك على الشراء الفوري بدلًا من التأجيل، ما ينعش حركة البيع.
تحريك عجلة العرض والطلب: زيادة دوران البضاعة تدفع المصانع وسلاسل التوريد للعمل بكفاءة أعلى، ما يرفع معدلات الإنتاج.
تهيئة بيئة للتصدير: تشغيل المصانع بكامل طاقتها لتلبية الطلب المحلي يمنحها فرصة أكبر لتوجيه فائض الإنتاج نحو التصدير بأسعار تنافسية، ما يعزز تدفق العملة الصعبة ويدعم الجنيه.
الأثر على سلوك السوق
سلوك المستهلك: انخفاض الأسعار يدفع إلى زيادة حجم المشتريات، ما يرفع حجم السوق للشركات.
ضغط المنافسين: الخطوة تجبر المنافسين على تخفيض الأسعار أو تحسين القيمة المضافة، ما يرفع جودة السوق ككل.
هامش الربح: الربح الحقيقي ليس في رفع الأسعار، بل في زيادة حجم المبيعات. الإنتاج بكميات أكبر يقلل تكلفة الوحدة، ويرفع القدرة التنافسية في الأسواق الخارجية.
البعد التصديري ودعم الجنيه
خفض الأسعار لا يعني الخسارة؛ بل على العكس، مع زيادة الإنتاج والمبيعات يمكن للشركات تخصيص جزء أكبر للتصدير.
زيادة حجم التصدير: رفع الطاقة الإنتاجية يفتح أسواقًا جديدة ويزيد حصة مصر في السلع المعمرة.
رفع قيمة التصدير: تقديم منتجات مصرية بأسعار منافسة وجودة عالية يعزز قيمة الصادرات ويجذب أسواق إضافية.
تقوية العملة: كل دولار يأتي من التصدير يزيد الاحتياطي النقدي ويدعم استقرار الجنيه، ما يقلل الاعتماد على الاستيراد ويحد من التضخم.
وجهة نظر كرائد أعمال
أرى أن هذه المبادرة ليست مجرد سياسة تسعير، بل نموذج عملي لكيف يمكن لشركة كبيرة أن تحرك السوق الداخلي، وتفتح آفاقًا أوسع للتصدير، وتدعم العملة الوطنية. الرسالة واضحة: التفكير بعيد المدى يضمن ولاء العميل محليًا، وحصة أوسع في الأسواق العالمية.
الخلاصة
مبادرة العربي تعيد ضبط بوصلة السوق، وتدفع عجلة الإنتاج، وتفتح المجال أمام توسع التصدير. وإذا سارت الشركات الكبرى والصغرى على نفس النهج، سنشهد اقتصادًا ينمو من الداخل إلى الخارج، وجنيهًا أقوى، وسوقًا محلية أكثر استقرارًا.