سجلت أسعار الذهب العالمية ارتفاعًا ملحوظًا خلال تداولات اليوم، الخميس، لتصل إلى أعلى مستوياتها في أسبوع، مدعومة بتصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب تراجع مؤشر الدولار الأمريكي وبيانات التضخم الأميركية التي جاءت أضعف من المتوقع، مما عزز التوقعات بخفض أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وبحسب تقرير لمؤسسة “جولد بيليون”، ارتفع سعر أونصة الذهب بنسبة تقل عن 1.2%، ليسجل مستوى 3386 دولارًا للأونصة، مقارنة بسعر افتتاح جلسة اليوم البالغ 3357 دولارًا للأونصة، قبل أن يتراجع لاحقًا متداولًا بالقرب من مستويات الافتتاح.
وتزامن هذا الصعود مع تراجع مؤشر الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوياته منذ نحو شهرين، وهو ما عزز مكاسب الذهب نظرًا للعلاقة العكسية بينهما. وتمكن الذهب خلال التداولات من اختراق مستوى المقاومة البالغ 3350 دولارًا للأونصة، ليصل إلى حدود 3370 دولارًا قبل أن يعود للتراجع.
وفي السياق الجيوسياسي، تصاعدت حدة التوترات في المنطقة بعد إعلان الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، عن نقل موظفين أمريكيين من الشرق الأوسط بسبب تزايد المخاطر الأمنية، في ظل تصاعد التوتر مع إيران. وأشارت تقارير عدة إلى استعداد الكيان الصهيوني لتوجيه ضربة محتملة لإيران في حال فشل المحادثات النووية الجارية مع الولايات المتحدة، وهو ما زاد من الإقبال على الذهب كأحد أبرز أصول الملاذ الآمن.
وكان ترامب قد أعرب قبل أيام عن فقدانه الثقة في المحادثات مع طهران، مؤكدًا أنه لن يسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم، ما ساهم في تصعيد حالة التوتر وزيادة المخاوف من انزلاق الأوضاع نحو مواجهة محتملة.
من جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن ترامب يعتزم إرسال رسائل رسمية توضح خططه بخصوص الرسوم الجمركية إلى الاقتصادات الكبرى خلال الأسبوعين المقبلين، الأمر الذي خفّض من سقف التوقعات بشأن إمكانية عقد اتفاقيات تجارية جديدة في الأمد القريب. وحتى الآن، لم توقع الولايات المتحدة سوى اتفاقية تجارية واحدة مع المملكة المتحدة، إلى جانب إعلان إطار عمل أولي مع الصين دون الكشف عن تفاصيل جوهرية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أظهرت بيانات التضخم الأميركية الصادرة أمس تراجعًا أقل من المتوقع في مؤشر أسعار المستهلكين، نتيجة انخفاض أسعار البنزين. هذه البيانات زادت من الضغوط على الاحتياطي الفيدرالي، وسط دعوات من ترامب لخفض كبير في أسعار الفائدة.
وبناءً على هذه المعطيات، تتوقع الأسواق حاليًا أن يقدم الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس بنهاية العام الجاري.
وفي تقريره الشهري، كشف مجلس الذهب العالمي عن انخفاض التدفقات النقدية إلى صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب بمقدار 19.1 طن خلال شهر مايو، وهو أول تراجع منذ نوفمبر 2024. وقادت صناديق الاستثمار في أمريكا الشمالية هذا الانسحاب، بخروج تدفقات بلغت 15.6 طن، بعد أن شهد شهر أبريل أعلى تدفقات منذ مارس 2022 بواقع 115 طنًا، قبل أن تتجه الأسواق إلى استثمارات أعلى مخاطرة في ظل تراجع نسبي لأسعار الذهب.
الذهب في مصر يرتفع مدعومًا بسعر الصرف والذهب العالمي
محليًا، سجل سعر الذهب في السوق المصرية ارتفاعًا مع بداية تداولات اليوم، نتيجة لصعود سعر صرف الدولار أمام الجنيه في البنوك الرسمية، إضافة إلى المكاسب التي سجلها الذهب عالميًا خلال جلسة اليوم.
وافتتح الذهب عيار 21، الأكثر تداولًا في السوق المصرية، التعاملات عند مستوى 4695 جنيهًا للجرام، ليرتفع لاحقًا إلى 4700 جنيه، وفقًا لتقرير جولد بيليون.
ويعتمد تسعير الذهب محليًا بشكل رئيسي على سعر الدولار مقابل الجنيه وسعر أونصة الذهب عالميًا. وبحسب مراقبين، فإن التغير المفاجئ في سعر صرف الدولار، إلى جانب تذبذب أسعار الذهب منذ بداية الأسبوع، ساعدا على تحفيز السعر المحلي نحو مزيد من الصعود.
توقعات السوق: زخم حذر وسط دعم جيوسياسي واقتصادي
تشير التوقعات إلى أن الذهب العالمي قد يواصل ارتفاعه إذا ما استمرت التوترات في الشرق الأوسط، بالتزامن مع احتمالات خفض الفائدة الأميركية. وقد نجح الذهب في تجاوز حاجز 3350 دولارًا للأونصة، إلا أن تراجعه السريع بعد الوصول إلى مستوى 3370 دولارًا يشير إلى ضعف زخم الصعود في الوقت الراهن.
أما على الصعيد المحلي، فإن استمرار ارتفاع الدولار أمام الجنيه، مع الثبات النسبي في سعر أونصة الذهب، قد يدعم بقاء الذهب المحلي عند مستوياته الحالية أو حتى تسجيل مزيد من الارتفاعات خلال الأيام المقبلة.