صرّح المهندس محمد الكاتب، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات النسيجية ورئيس شعبة البوليستر، بأن مصر تمضي بخطى ثابتة نحو تحقيق هدفها الاستراتيجي في توطين الصناعة، مؤكدًا أن هذا المفهوم يبدأ من المادة الخام وحتى المنتج النهائي مرورًا بالأيدي العاملة المدربة وسوق تجاري فعال لتوزيع الإنتاج.
وأضاف خلال لقاء تليفزيوني أن الدولة بدأت بالفعل بتنفيذ هذا التوجه من خلال إنشاء مناطق صناعية متخصصة مثل الروبيكي لصناعات الجلود، والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس لصناعات متعددة، والمحلة الكبرى التي تحتضن أكبر مصنع للغزل والنسيج في العالم، بالإضافة إلى منطقة كفر الدوار.
وأوضح أن مصر تمتلك مقومات تؤهلها لتكون مركزًا صناعيًا عالميًا، لاسيما في صناعة الغزل والنسيج، نظرًا لموقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يسمح بسهولة تصدير المنتجات إلى أوروبا وأفريقيا وأمريكا والدول العربية.
وأشار الكاتب إلى أن الدولة بدأت بزراعة القطن، وإنشاء مصنع لإنتاج المادة الخام للبوليستر، وبدأت كذلك مشروعات في مجال البتروكيماويات لإنتاج ألياف البوليستر، وهو ما يدعم تكامل سلاسل الإنتاج محليًا.
وأكد أن مصر لا تزال تعتمد جزئيًا على استيراد بعض المواد الخام، إلا أن هناك توجّهًا قويًا لدعم المستثمرين المحليين وتشجيعهم على إنشاء مشروعات تصنيعية من البداية، خاصة في الصناعات الكيماوية المرتبطة بالغزل والنسيج.
البنية التحتية الصناعية… طفرة حقيقية
واستعرض الكاتب حجم التطور في البنية التحتية، مشيرًا إلى أن المناطق الصناعية في قناة السويس تمثل نقلة نوعية بوجود مناطق مخصصة للصناعات الهندسية والسيراميك والغزل والنسيج والهيدروجين الأخضر، ما يجعل مصر نقطة جذب عالمية للاستثمار.
كما شدد على أن الدولة بدأت فعليًا في تنفيذ المشروعات الصناعية، وتعمل على تذليل العقبات التي كانت تواجه التسويق للمنتج المحلي، وذلك من خلال وضع مصر على الخريطة الاستثمارية الدولية، والانفتاح على المستثمرين العالميين.
التعليم الفني أساس النهضة الصناعية
وأكّد الكاتب على أن التعليم الفني عنصر جوهري في منظومة توطين الصناعة، مشيرًا إلى أن العديد من الشركات الكبرى أنشأت مدارس فنية متخصصة لتخريج كوادر مدربة تلبي احتياجاتها، إلا أن الأمر يحتاج إلى جهود أوسع من الدولة، لتعميم التجربة في كافة المحافظات والمناطق الصناعية.
محور قناة السويس… مركز صناعي عالمي
واعتبر المهندس محمد الكاتب أن محور قناة السويس هو “شريان العالم الصناعي”، نظرًا لموقعه الذي يربط بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا، موضحًا أن المنطقة مؤهلة لتكون مركزًا عالميًا للصناعات الأولية والتحويلية.
وأضاف أن الاتفاقيات الدولية التي وقعتها مصر، مثل اتفاقية الكوميسا واتفاقيات التجارة الحرة مع أوروبا وأمريكا، تُعد محفزًا قويًا لجذب الاستثمارات، وتُسهّل نفاذ المنتجات المصرية إلى الأسواق العالمية بجمارك مخفضة.
الصين وتركيا وروسيا… سباق على السوق المصري
وكشف الكاتب أن الصين وتركيا من أبرز الدول التي ترى في مصر بوابة استراتيجية لأفريقيا، مشيرًا إلى حجم التعاقدات الصينية في الصناعات الهندسية والبتروكيماويات، إلى جانب اهتمام الروس بالاستثمار في محور قناة السويس.
تسهيلات وتشريعات… ضرورية لجذب الاستثمار
وشدد على ضرورة توفير حوافز ضريبية وتسهيلات حكومية لجذب المستثمر المحلي، وتحفيزه على الدخول في الصناعات الاستراتيجية، مقترحًا ضرورة تطوير التشريعات بما يتيح إنشاء المشروعات الكبرى بسهولة، دون البيروقراطية التي تعرقل التنفيذ.
وقال: “الورقيات يجب أن تكون أبسط شيء في رحلة المستثمر، والرقمنة والتحول الرقمي يجب أن يساهما في تسريع الإجراءات والتراخيص”.
الصناعات المتميزة… والصادرات تتصاعد
وتحدث الكاتب عن الصناعات التي حققت قفزات ملحوظة في التصدير، وعلى رأسها الحاصلات الزراعية والصناعات الكهربائية والهندسية والغزل والنسيج، مشيرًا إلى أن صادرات قطاع النسيج تضاعفت من 2 مليار إلى ما يفوق 4 مليارات دولار، والقطاع قادر على الوصول إلى 10 مليارات دولار بسهولة إذا توفرت عناصر الدعم الأساسية.
مبادرة “ابدأ”… قصة نجاح تحتاج تعميم
واختتم الكاتب تصريحاته بالتأكيد على أن مبادرة “ابدأ” الرئاسية نجحت في حل كثير من مشكلات المستثمرين في سهولة التراخيص، مشددًا على ضرورة تحويل هذه النجاحات إلى نهج دائم، بحيث تكون البيئة الاستثمارية في مصر مشجعة وسهلة ومفتوحة أمام جميع الصناعات الاستراتيجية.