مما لاشك فيه اننا ننمر بتحديات إقتصادية قد تكون الأخطر منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 و التي عصفت باقتصاديات دول بالكامل بما فيها الأقوى على الإطلاق ، فالتحديات الاقتصادية الحالية بالطبع قد تعرقل مسيرة تطوير الأعمال و تحقيق النمو الاقتصادي بحلول نهاية هذا العام ، يعتقد الكثيرون أن الأزمة الروسية الأوكرانية هي منبع هذه التحديات و فاعلها الأوحد و لكن يجب أن نعي تماما أن ما نعاني منه الآن هو توابع أزمة كورونا و مما تطلبته من زيادة الإنفاق الحكومي على الخدمات الطبية المرتبطة بها و تأثر القطاع الصناعي و آلية العرض و الطلب في الأسواق المحلية و العالمية.
إن أفضل طريقة للتعامل مع الأزمة هو احتوائها و إعتبارها أزمة داخلية لا تخص سوانا و أنها ليست أزمة بل فرصة يجب استغلالها كنقطة تحول في مسيرتنا ، هنا يجدر بنا الحديث عن “التحولAGILITY ” بمفهومه الحديث و كيف يمكن أن تجعل من البيئة الصناعية أداة مرنة لتحقيق نمو اقتصادي سريع و متجاوب مع الظروف الراهنة لتي نعيشها ، و أبرز مثال على ذلك ما شهدناه في بدايات تداعي أزمة كوفيد -19 و بالتحديد في شهر مارس من عام 2020 م عندما استطاعت شركة جنرال موتورز و هي من الشركات الرائدة عالميا في صناعة السيارات انتاج 30000 جهاز تنفس صناعي (Ventec Life Systems V+Pro) و غيرها من المستلزمات الطبية الضرورية لمجابهة انتشار فيروس كورونا ، هذه الحالة الفريدة من نوعها يجب أن نقف عندها و نحاول تطبيقها في مجتمعاتنا الصناعية حيث أنها استطاعت تحويل نشاطها بدرجة عالية من المرونة إلى إنتاج معدات طبية غاية في الدقة للتجاوب مع الظروف الراهنة و تحويل الخطر التي كانت قاب قوسين أو ادنى من التأثر بتداعياته إلى منحة لتحقيق تميز في سد فجوة و احتياجات اضطرارية .
أرى أن المجتمع الصناعي المصري يجب أن يتوجه في خطين متوازيين لتحقيق نمو اقتصادي ملموس أولهما إثراء آليات البحث و التطوير لديه و أن يحاول جاهدا أن يدرس احتياجات الأسواق العالمية من المنتجات التي يستطيع انتاجها وتعزيز سلاسل القيمة الخاصة بها، ثانيا السعي الدائم لتقليل التكلفة من خلال العمل على تطوير آليات العمل و الكفاءة الإنتاجية ووضع استراتيجيات تسعير تساعد المنتجات على تحقيق الاستحواذ على حصص سوقية مناسبة، فنحن الآن في عصر تعاظم القيمة المضافة في مقابل القيمة السعرية وعلى ذلك يجب أن يكون البناء الإقتصادي للمؤسسات على أساس استغلال المقدرات الإقتصادية على أمثل وجه ممكن، وأخيرا و ليس آخرا يجب أن نعمل دائما على إيجاد الحلول المبتكرة و بناء خطط محكمة لتنفيذها بالشكل الأمثل ، فكلما زادت الفجوة بين التصنيع الحالي و الابتكار كلما عانينا أكثر من تداعيات الوضع الإقتصادي العالمي.