يحظى الاقتصاد المصري باهتمام بالغ من قبل مختلف المؤسسات الدولية، والتي عكست أغلب تقاريرها وتحليلاتها ما تشهده الأوضاع من تطورات إيجابية مطمئنة خاصة مع إطلاق المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي يستهدف الإصلاحات الهيكلية لقطاعات محددة من الاقتصاد ومؤسسات الدولة في محاولة لخلق نمو مستدام والتغلب على الصدمة الاقتصادية للجائحة، كما مكنت هذه الأوضاع من صياغة توقعات إيجابية متفائلة للاقتصاد المصري في المستقبل، ومن أهم هذه التقارير والتحليلات:
رؤية صندوق النقد الدولي
توقع صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد المصري “تعافيا قويا” خلال العام المالي 2022/2021، ليصل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5.2%، وأشاد الصندوق بالسياسات التي تبنتها السلطات خلال الجائحة، حيث كانت مصر من بلدان الاقتصادات الصاعدة القليلة التي حققت معدل نمو موجب في 2020. وبفضل استجابة الحكومة السريعة والحذرة على مستوى السياسات، مقترنة بالدعم من صندوق النقد الدولي، أبدى الاقتصاد المصري صلابة في مواجهة الجائحة.
ومن اهم ما أشاد به الصندوق
- برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي ساعد في حماية الاقتصاد من صدمة “كوفيد-19”
- تقديم الدعم المالي لمؤسسات الأعمال والعاملين في القطاعات الأشد تضررا مثل السياحة والصناعة التحويلية
- تأجيل سداد الضرائب وتوسيع برامج التحويلات النقدية إلى الأسر الفقيرة والعمال غير المنتظمة
- قيام البنك المركزي المصري بتخفيض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 400 نقطة أساس خلال عام 2020
- إطلاق المركزي عدة مبادرات لتخفيف الضغوط على المقترضين وضمان توافر السيولة للقطاعات الأشد تأثرا، منها زيادة إمكانات الحصول على ائتمان بأسعار فائدة تفضيلية وتأجيل سداد الاستحقاقات الائتمانية القائمة لمدة 6 أشهر.
وفي تحليل أحدث رأى صندوق النقد الدولي أن مواصلة مصر لبرنامجها الإصلاحي سيُتيح خلق فرص عمل وتحقيق التعافي الاقتصادي. وأوضح أن مصر تحتاج إلى حوالي 700 إلى 800 ألف فرصة عمل سنويًا، والتي يستطيع القطاع الخاص في مصر توفيرها في حال زيادة الإنتاجية وتوفير إمكانية الوصول إلى أسواق جديدة وكذلك توفير أنواع مختلفة من التمويل.
البنك الدولي
أشار تقرير للبنك الدولي إلى إن تحويلات المصريين بالخارج في طريقها إلى رقم قياسي جديد هذا العام، في ضوء ارتفاع أسعار البترول والتعافي الاقتصادي العالمي الذي يدفع التحويلات للنمو، ومن المتوقع أن ترتفع تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 13 % لتسجل 33 مليار دولار هذا العام، ما يجعل مصر واحدة من أكبر خمس دولة متلقية للتحويلات الخارجية بالدولار.
ويتوقع البنك الدولي حاليا ارتفاع التحويلات الخارجية عالميا بنسبة 7.3 %هذا العام لتصل إلى 589 مليار دولار، وأوضح البنك الدولي، أن مصر ستتجاوز بفارق كبير الدول النامية الأخرى بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هذا العام، من حيث تلقي التحويلات الأجنبية، وستمثل تحويلات المصريين بالخارج 54 %من إجمالي التحويلات بالمنطقة، وهو ما سيساعد في رفع تحويلات المنطقة بالكامل بنسبة 10 %هذا العام لتبلغ 62 مليار دولار.
وأضاف أن انتعاش أسعار النفط هذا العام ساعد في نمو التحويلات القادمة من دول الخليج، حيث تقيم النسبة الأكبر من المصريين المغتربين. وأيضا ساهم الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة وأوروبا في نمو التدفقات القادمة إلى البلاد من المصريين المغتربين هناك، وأوضح أنه لا يزال هناك خطر من ألا تصل تحويلات المصريين بالخارج إلى تلك التوقعات في ظل التطورات المرتبطة بالجائحة التي قد تفرض قيودا جديدة على الاقتصاد العالمي وحركة السفر.
ومن المرتقب أن تمثل التحويلات 8.4%من الناتج المحلي الإجمالي لمصر بحلول نهاية عام 2021 ويؤكد البنك الدولي أنها “ذات أهمية قصوى” لجذب العملة الأجنبية في أعقاب انهيار عائدات إيرادات السياحة واستقرار الاستثمار الأجنبي المباشر. وراي البنك ان الزيادة في التحويلات ساهمت في سد بعض العجز في عائدات السياحة الذي سببه تعليق حركة الطيران الدولية. فقبل الجائحة، كانت إيرادات السياحة واحدة من أبرز مصادر العملة الأجنبية في البلاد، ومثل القطاع 12 %من الناتج المحلي الإجمالي، وعام 2020 تراجعت إيرادات السياحة بمقدار الثلثين لتصل إلى 4.4 مليار دولار فقط، ورغم أن القطاع بدأ في التعافي هذا العام مع العودة التدريجية لحركة السفر، إلا أن العائدات تظل أقل بكثير من مستويات قبل الجائحة. وأشار التقرير الى أنه رغم تجاوز قيمة التحويلات منذ فترة الاستثمار الأجنبي المباشر في ميزان مدفوعات الدولة، إلا أن الاثنين كانا يسيران في اتجاه معاكس على مدار العامين الماضيين، إذ هبطت الاستثمارات الوافدة مع ارتفاع التحويلات.
البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية
أشار البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، إلى إن الاقتصاد المصري في طريقه للنمو بنسبة 4.9 % في العام المالي 2022/2021، وبذلك يكون البنك الأوروبي قد رفع توقعاته بمقدار0.4 %من تقريره الصادر في يونيو، عندما أشار إن مصر ستسجل نموا بنسبة 4.5 %خلال العام المالي الحالي، لكنها ما تزال أقل من 5.4%التي تستهدفها الحكومة.
وأضاف أن الانتعاش الاقتصادي سيعتمد في المستقبل على قوة الانتعاش العالمي، والتقدم في إطلاق التطعيم، والتطورات السياسية، وتنفيذ الإصلاحات في بيئة الأعمال، منوها بأن المنافسة المتزايدة وتحسين الحوكمة ومكافحة الفساد والنهوض بالرقمنة وتعزيز الشمول هي خطوات أساسية لجذب المستثمرين. وتوقع أن ينمو الإنتاج بمنطقة جنوب وشرق المتوسط خلال 2022 بنسبة 4.4، %مما يعكس انتعاشا قويًا في النشاط الاقتصادي لاسيما في مصر.
وأوضح البنك الأوروبي أن تراجع النمو في مصر من 3.6 %إلى 3.3 %خلال العام المالي المنتهي في يونيو 2021؛ جاء نتيجة لتراجع نشاط التصنيع وضعف السياحة التي عوضتها الأنشطة الاقتصادية لقطاعات تجارة الجملة والتجزئة والبناء والزراعة والاتصالات، وأكد أنه في الوقت ذاته ان تراجع التضخم إلى 4.5% في نفس العام المالي، جاء أقل من هدف البنك المركزي، لكنه بدأ في الزيادة خلال الفترة (يوليو – سبتمبر 2021) بمتوسط 5.9% على أساس سنوي مدفوع ًعا بارتفاع أسعار المواد الغذائية.
توقعات دويتشه بنك
توقع دويتشه بنك، في تقرير له، استمرار النمو القوي للاقتصاد المصري بنسبة 5.5% خلال العام المالي الحالي 2021/2022، بدعم من تعافي الطلب وقطاعات التصنيع والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في إطار المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي، بالإضافة إلى الارتفاع المتوقع لإيرادات السياحة مع إزالة قيود السفر العالمية.
وذكر دويتشه بنك، أن الجهود الجارية للتوحيد المالي وتحقيق فائض أولي بمقدار 2% من الناتج المحلي الإجمالي وخفض العجز الكلي إلى 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام المالي 2024، مع الحفاظ على التضخم ضمن نطاق مستهدفات البنك المركزي، كل ذلك سيساهم في دعم تعافي الاقتصاد المحلي.
وأشار إلى أن الدعم المالي المستمر لصندوق النقد الدولي والمشروط باستمرار التوحيد المالي والسياسات الاقتصادية سيعطي أيضًا دفعة مطلوبة للاقتصاد، وأن ما أقره صندوق النقد الدولي مؤخرًا بتخصيص وحدات سحب خاصة بقيمة 2.9 مليار دولار ستفيد هذا النمو أيضاً.
كما أوضح أن قوة التعافي في النمو تظل محل عدم يقين نتيجة المخاطر المرتبطة بالجائحة، مثل احتمالية تحور سلالات جديدة وتفشيها وسط كثافة سكانية معظمها غير مُلقح.
وأضاف البنك قائلاً: “الأوضاع النقدية عالميًا تتجه نحو التشديد، ما قد يُسبب بعض الضغوط على تدفقات المحافظ المالية”.
وفي ظل احتياجات التمويل الخارجي وارتفاع نسب الدين إلى 88% من الناتج المحلي بنهاية العام المالي 2020، فإن هذه العوامل مُجتمعة قد تؤثر سلباً في سيناريو التعافي، كما أن النمو الذي يقوده القطاع الخاص لايزال محدود ويواجه تحديات تخص بيئة العمل والشفافية التي ماتزال أقل من الأقران.
ورفع البنك توقعاته للتضخم ليسجل 5.1% بنهاية العام مقابل 5% حاليًا مع توقعات ارتفاع الطلب الاستهلاكي العائلي، وتعافي الإنتاج الصناعي وتحسن مؤشرات الإنتاج الفرعية في مؤشر مديري المشتريات، الى جانب الضغوط الناتجة عن أسعار السلع العالمية، بما يفتح المجال لارتفاع مستدام أكثر في مستوى التضخم.
وبصفة عامة، من المتوقع في السيناريو الأساسي المطروح من البنك أن يظل التضخم السنوي أقل بكثير من النقطة المستهدفة له والبالغة 7% بنهاية العام، لكن ضغوط الأسعار ستبدأ في التزايد تدريجياً لترفع فرص الوصول به إلى نحو 7% خلال النصف الثاني من 2022.
وفيما يتعلق بالسياسات النقدية والائتمانية؛ توقع دويتشه بنك، أن يحافظ البنك المركزي على معدلات العائد لديه رغم اتجاه السياسة النقدية عالمياً نحو التشديد، وبرر ذلك بوجود احتياطيات قوية، وتقديم معدلات فائدة حقيقية مرتفعة، فرغم الارتفاع المؤقت في التضخم، مازالت الضغوط التضخمية خاملة وتترك معدلات نمو الأسعار أقل بكثير من 7%، لذلك لا حاجة لرفع الفائدة.
مما يعني أن سياسة البنك المركزي تتحول ببطء نحو الحذر، ومع الأخذ في الاعتبار التطورات الخارجية، في ظل أن معظم الدول الناشئة بدأت فعلياً بسياسات التشديد النقدي ومن المرجح بشدة أن ترفع أسعار الفائدة لديها خلال الشهور المقبلة، نفترض أن أي خفض محتمل لأسعار الفائدة في مصر لم يعد خيارًا، لذلك فالتثبيت حتى النصف الثاني من 2022 هو السيناريو الأقرب.
وذكر البنك الألماني، أنه مع الأخذ في الاعتبار الارتفاع في أسعار البترول ومع وصول أسعار السلع والغذاء لأعلى مستوياتها في سنوات، فهناك في الواقع مجال للتشديد النقدي في مصر خلال النصف الثاني من 2022 حينما يصل التضخم إلى 7% بناء على ضغوط تضخمية مستدامة، لذلك رجح البنك رفع الفائدة في مصر بنسبة 25 نقطة أساس خلال الربع الأخير من العام المقبل، بل أن المعدل قد يكون أكبر في حال جاء التضخم أكبر من التقديرات.
وذكر البنك، أن الحكومة تستهدف عجز مالي يعادل 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي في ميزانيتها للسنة المالية القادمة وذلك بناء على توقع متحفظ بتحقيق نمو 5.4% للناتج المحلي الإجمالي، وعند النظر عن قرب للموازنة، نجد أن الإنفاق على الصحة يصل إلى 108.8 مليار جنيه بزيادة قدرها 16% على أساس سنوي، والتعليم 172.6 مليار جنيه بزيادة قدرها 10%.
وفي الوقت نفسه، من المتوقع تراجع نسبة الدين العام إلى 89.5% من قيمة الناتج المحلي مقابل 90.6% بنهاية يونيو 2021، حيث أن مدفوعات تسديد الدين العام هي أكبر بنود الإنفاق عند 579 مليار جنيه.
وقال دويتشه بنك، إن المخاطر التي تواجه الحساب الجاري لمصر مازالت متباينة، فمن جهة، من المتوقع أن يؤدي الانتعاش المحلي القوي في المستقبل إلى تعزيز الواردات وتقليل الحساب الجاري، في حين أن الانتعاش المتوقع في عائدات السياحة وزيادة التحويلات من الخارج (خاصة من دول مجلس التعاون الخليجي) في المستقبل ستعمل في الاتجاه المعاكس.
التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري
في أكتوبر 2021 ثبتت وكالة فيتش التصنيف الائتماني طويل الأجل لمصر عند +B، مع نظرة مستقبلية مستقرة، وجاء ذلك مدعوما بسجل الإنجازات الأخير على مستوى الإصلاحات المالية والاقتصادية في مصر، إلى جانب اقتصادها الكبير، الذي احتفظ باستقراره ومرونته خلال الوباء العالمي، إذ “حد النمو الاقتصادي المستمر وحزمة الدعم الخاصة بمواجهة فيروس كورونا من تأثير الجائحة على المالية العامة لمصر”. كما تتوقع فيتش أن يتقلص العجز المالي بنهاية عام 2022/2021، مع زيادة الحصيلة الضريبية، حيث توقعت المؤسسة ان يكون لدخول قانون الجمارك الجديد حيز التنفيذ وتحديث النظام الضريبي من خلال منظومة الفاتورة الإلكترونية اثرا على زيادة نسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي بنقطتين مئويتين على مدى السنوات الأربع المقبلة.
وفقا لوكالة فيتش من المنتظر أيضا انخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الحالي، حيث ارتفع حجم الدين من 84% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2019/2018 إلى ما يقدر بنحو 88% في العامين الماليين 2020/2019 و2021/2020، ولكن من المتوقع أن يتراجع إلى 86% بحلول نهاية العام المالي في 30 يونيو 2022، بدعم من النمو المتسارع واستمرار تحقيق فائض أولي.
واشادت الوكالة بتفوق أداء الناتج المحلي الإجمالي لمصر على الغالبية العظمى للاقتصادات المصنفة لدى وكالة فيتش طوال فترة الجائحة”، على خلفية الطلب المحلي وإنتاج الغاز الطبيعي واستثمارات القطاع العام الجديدة وسط تراجع عائدات السياحة والتصدير، كما ساعد نمو ائتمان القطاع الخاص، والذي ارتفع من 20% خلال العام المالي 2020/2019 إلى 21% في العام 2021/2020، أيضا في تعزيز النمو الاقتصادي. ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي الناتج المحلي الحقيقي إلى 5.5% بحلول العام المالي 2023/2022 مع عودة الأوضاع الاقتصادية العالمية وظروف السفر إلى طبيعتها.
وترى الوكالة ان تغير السياسات النقدية العالمية يعد من أكبر التهديدات للاستقرار المالي في مصر، كما حذرت من أثر صدمة الثقة وتحولات ظروف السيولة العالمية، على وضع السيولة من العملات الأجنبية والضغط على كل من أسعار الفائدة والصرف، من ناحية أخرى وعلى الجانب الإيجابي، رات الوكالة ان فإن ادراج مصر في مؤشر سندات جيه بي مورجان لديون الأسواق الناشئة اعتبارا من يناير المقبل وتسوية السندات المصرية من قبل يوروكلير عام 2022، سيوفر “بعض الدعم الهيكلي” للطلب الأجنبي على السندات المقومة بالعملة المحلية.
كما جاء قرار مؤسسة «ستاندرد آند بورز» بتثبيت التصنيف الائتماني لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية كما هو دون تعديل عند مستوى B مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصريStable Outlook للمرة الرابعة علي التوالي منذ بدء جائحة كورونا، بمثابة ثقة إضافية في صلابة وتنوع الاقتصاد المصري؛ ويعكس استمرار تجديد ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري والتزام الحكومة بمسار مستدام للإصلاح الاقتصادي، فقد أشادت مؤسسة «ستاندرد أند بورز» في تقريرها الأخير بقوة ومرونة وتوازن إطار السياسات الذي وضعته الحكومة للتعامل مع تداعيات الجائحة، مع استكمال تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية والهيكلية؛ مما ساعد في توفير قاعدة تمويل محلية قوية ومتنوعة في مصر، وارتفاع رصيد الاحتياطي من النقد الأجنبي، على نحو يؤدى إلى تحسين القدرة التنافسية للصادرات، وتوسيع قاعدة الإيرادات، وهو ما يؤكد قوة وتنوع الاقتصاد المصري.
وثبتت موديز التصنيف الائتماني لمصر عند مستوى “B2” حيث أوضحت أن الاحتياطيات القوية من النقد الأجنبي، واستعادة تحقيق فائض أولي بالموازنة ساهما في دعم أجندة الإصلاح الاقتصادي وتحسين القدرة التنافسية للصادرات وتوسيع قاعدة الإيرادات.
وتوقعت موديز انخفاض العجز الكلي واستمرار تحقيق فائض أولي في 2021/2022، حيث من المتوقع أن يسجل العجز الكلي كنسبة من الناتج المحلى الإجمالي 7.4%، وأن يسجل الفائض الأولي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 1.2%.
رؤية الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في مصر
أكدت الأمم المتحدة ان بإمكان مصر أن تكون نموذجا ًعالميًا في تطوير إستراتيجية تمويل “التنمية المستدامة”، وذلك من خلال مواءمة جميع تدفقات التمويل والسياسات مع الأولويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، خاصة وان العالم يحتاج بشكل عاجل إلى التركيز على التمويل لإنقاذ أهداف التنمية المستدامة ووضعها على المسار الصحيح خاصة بعد الضربة القوية لجائحة كورونا من خلال تقارب الجهود المختلفة الاتخاذ خطوات فعالة في تعزيز تمويل أهداف التنمية المستدامة.
وبدورها تدعم الأمم المتحدة بقوة تنفيذ أهداف المبادرة التنموية الرئاسية “حياة كريمة” والتي تتوافق تماما مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، كما ستساند الحكومة المصرية لتنفيذها في مختلف أنحاء الجمهورية.
تحليل وكالة بلومبرج لأداء السياسة النقدية
أكدت وكالة بلومبرج قدرة الديون المصرية على الصمود أمام تشديد الفيدرالي للسياسة النقدية، فمن شأن تشديد السياسة النقدية الأمريكية أن يجعل الأسواق الناشئة عرضة الانخفاض في التدفقات الأجنبية، إذ يسعى مديرو الأصول الذين يتجنبون المخاطر المرتفعة إلى تحقيق عوائد أكثر أمانا في الولايات المتحدة، ومع ذلك، فإن الاحتياطيات الأجنبية القوية في مصر، واقتصادها سريع النمو، وأسعار الفائدة الحقيقية المرتفعة لديها، والتحول إلى الديون طويلة الأجل في السنوات الأخيرة، يعني أنها الأفضل بين الأسواق الناشئة لمواجهة العاصفة.
وأضافت أن مصر تتمتع بواحد من أعلى أسعار الفائدة الحقيقية في العالم، مما أدى إلى ازدهار حيازات الأجانب للديون المصرية الخطرة عالية الربحية، كما ان السوق المصرية في وضع يجعلها قادرة على تجنب الموجة البيعية بالأسواق الناشئة، فمن الناحية التاريخية، لم يكن لتحركات أسعار الفائدة العالمية تأثير كبير على السوق المحلية.
أداء القطاعات الحقيقية
أداء قطاع الطاقة
أشار تقرير صادر عن منظمة أوابك، إلى أن النمو الأكبر في حجم صـادرات الدول العربية خلال الربع الثالث من عام 2021 جاء من جمهورية مصـر العربية التي قامت بتصـدير نحو 1 مليون طن، علما بأنه خلال نفس الفترة من العام السـابق 2020 بلغت الصـادرات نحو 0.1 مليون طن فقط بسـبب تهاوي الأسعار الفورية في للتصدير، لتحقق بذلك نموا بنسبة 900 %.
وارجع التقرير هذا النمو المسـتمر في حجم الصـادرات إلى إعادة تشغيل مجمع الإسـالة في دمياط في شهر فبراير مطلع 2021 والذي تبلغ طاقته الإنتاجية نحو 5 مليون طن / السنة، بعد أن كان متوقفا عن التشغيل لنحو 8 سنوات، بجانب استمرار تشغيل مجمع ” إدكو” الذي تبلغ طاقته الإنتاجية نحو 7.2 مليون طن / السـنة، حيث تم خلال الربع الثالث من عام 2021 تصـدير نحو 0.6 مليون طن من مجمع دمياط ليصـل إجمالي الصـادرات من المجمع منذ معاودة تشـغيله في فبراير 2021 إلى قرابة 1.6 مليون طن، والتي اسـتهدفت عدة أسـواق في آسـيا في مقدمتها الهند، وباكسـتان، والصـين، والباقي تم تصـديره إلى إسـبانيا وبلجيكا والكويت وأضاف التقرير أن من المتوقع أن تحقق مصر رقما قياسيا في صادرات الغاز الطبيعي المسال بنهاية عام 2021 بعد اسـتئناف نشـاط التصـدير بهذه الوتيرة العالية بفضـل نمو الإنتاج المحلي بعد تحقيق عدة اكتشافات للغاز والإسراع بتنميتها وفي مقدمتها حقل ” ظهر ” وحقل “أتلول”.
منظمة الأمم المتحدة
أشادت منظمة الأمم المتحدة “اليونيدو” بالخطوات والإجراءات التي اتخذتها مصر في مجال الطاقة خلال الفترة الماضية والتي نجحت من خلالها في تخفيض انبعاثات الكربون بشكل كبير خلال 10 سنوات.
وقد عملت منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية بالتنسيق والحكومة المصرية على تحسين البيئة الخاصة بالقطاع الصناعي، وألا يكون القطاع الصناعي مسببا أو مساهما بأي شكل من الأشكال في الإضرار بالبيئة، بالإضافة إلى كفاءة استخدام الموارد سواء مياه او طاقة او مخلفات و من أهم المشروعات التي توليها المنظمة اهتماما المشروع المعنى ” بإدارة كفاءة الطاقة بالقطاع الصناعي ” والذي ساعد الدولة المصرية لأول مرة في إدخال نظم إدارة الطاقة والذي بدأ بتعريب للمواصفة الدولية الأيزو ” 50001 ISO ” بالإضافة إلى بناء الكوادر أكثر من 700 خبير في مجالات إدارة الطاقة للعمل مع الشركات الصناعية المصرية في هذا المجال ومساعدة ما يقرب من 75 شركة في عمليات تطبيق ورفع الوعي بنظم إدارة الطاقة من بينها 11 شركة نجحت في الحصول على الشهادة والاعتماد الخاص بنظم إدارة الطاقة.
وقد ساهم هذا المشروع في مساعدة مصر في تخفيض الكربون بنسبة 3.6 طن متري خلال 10 سنوات وهو ما يعد إنجازا كبيرا ويعكس ما تم تخفيضه من استخدام للطاقة في مصر سواء كانت غاز طبيعي أو غيرها من المواد البترولية أو الطاقة الكهربائية مما ساهم في رفع تنافسية وكفاءة الصناعات المصرية.
ومن أهم المشروعات التي عملت عليها المنظمة أيضا فكرة استبدال كافة المواد الضارة بطبقة الأوزون مع التركيز على قطاع صناعات التكييف والتبريد، والعمل على رفع كفاءة استخدام الموارد سواء كانت طاقة أو مياه أو المخلفات وتقليل الهدر.
توقعات شركة الاستشارات الاقتصادية العالمية “فيتش سوليوشن”
وضعت شركة الاستشارات الاقتصادية العالمية «فيتش سوليوشن» توقعاتها لـ 7 قطاعات أساسية بالاقتصاد المصري، حتى نهاية العام الحالي، كما رسمت سيناريوهات تحركاتها على المدى المتوسط حتى 2025.
وشملت قائمة القطاعات المستهدفة الأغذية والمشروبات، والقطاع الاستهلاكي، والاستثمار الزراعي، والعقارات، والبتروكيماويات، والطاقة، واللوجستيات.
وتوقعت المؤسسة العالمية بشأن قطاع الأغذية والمشروبات أن يشهد الإنفاق على الطعام نموا سنويا بمتوسط %9.3 حتى نهاية فترة التوقعات، أما على صعيد الاستهلاك فترى المؤسسة العالمية أن الإنفاق الحقيقي للأسر سيحقق متوسط نمو سنوي %4.2 على المدى المتوسط حتى عام 2025.
وعلى صعيد الاستثمار الزراعي، قالت «فيتش» إن نمو الإنتاج، والاستهلاك لجميع المنتجات المرتبطة بالقطاع (الألبان – اللحوم – الحبوب – الدواجن) يرسم نظرة إيجابية للقطاع، وأكدت المؤسسة أن الطلب سيظل قويا على العقارات الصناعية العام الحالي.
وفى قطاع الطاقة، ترى “فيتش” نموا مستمرا بالقطاع على مدار 10 سنوات، ولفتت إلى تراجع الشكوك التي تدور حول قدرة صناعة البتروكيماويات على متابعة برنامج لبناء قدراتها.
وتتوقع مؤسسة “فيتش” نموا في الإنفاق على الطعام بمتوسط سنوي %9.3 على المدى المتوسط خلال الفترة من 2021 – 2025، مما يصعد بقيمة الإنفاق عليه من 691 مليار جنيه العام الحالي، إلى 997.5 مليار عام 2025.
وذكرت “فيتش” أن الإنفاق على المشروبات الساخنة (الشاي، والقهوة، والمشروبات الساخنة الأخرى) سوف تهيمن على نحو %55 من الإنفاق على المشروبات غير الكحولية خلال الفترة من 2021 – 2025، بينما سيكون نصيب العصائر (فاكهة وخضراوات)، والمياه المعدنية %45.
ورجحت نموا قويا في الإنفاق على اللحوم، والدواجن بمتوسط سنوي %11.3 خلال الفترة من 2021-2025. وفي العام الحالي ترى أن الأرز، والخبز، والحبوب، واللحوم والدواجن، سيستحوذان على الجزء الأكبر من الإنفاق في سوق الغذاء، بنسبة %51.3.
وطرحت المؤسسة العالمية مجموعة عوامل تمثل نقاط قوة للقطاع، شملت التقدم الذي تشهده مصر بما يدعم أشكال البيع بالتجزئة الحديثة، وتمتع البلاد بأكبر قاعدة استهلاكية في المنطقة مع النمو السكاني المتزايد، وسط إمكانيات نمو ضخمة لشركات الأغذية والمشروبات على المدى الطويل، وتسارع نمو صناعة بيع الأغذية بالتجزئة، وانتشار العلامات التجارية الإقليمية بسبب الروابط التجارية مع الإمارات، والمملكة العربية السعودية.
في المقابل، أشارت إلى حزمة من نقاط الضعف أبرزها أن غالبية الأسر المصرية في المناطق الريفية أصحاب دخل منخفض، بمتوسط دخل متاح للإنفاق أقل من 10 آلاف دولار سنويا، وتفاقم قاعدة المستهلكين الحساسة للسعر بسبب الفجوات الواسعة في الدخول، ومستوى منخفض من نصيب الفرد في استهلاك الغذاء في المطلق، كما تعيق الممارسات الدينية الإنفاق على المشروبات الكحولية، وهو قطاع عرضة للزيادات الضريبية بشكل كبير.
ومن بين الضغوط أيضا فرض تعريفة جمركية نسبتها تتراوح بين 20 إلى %30 على منتجات الأطعمة المُصنعة، إضافة إلى %10 ضريبة مبيعات، ووجود فرص محدودة متاحة في النهاية لتوزيع الدخل بشكل أفضل حيث تمثل نسبة الأسر البالغ مكسبها أكثر من 35 ألف دولار أقل من %0.2 خلال فترة التوقعات.
وعلى صعيد الفرص المتاحة بالقطاع، قالت المؤسسة العالمية إن ظروف الجائحة أدت إلى ارتفاع معدل الطلب الإلكتروني لخدمات البقالة، والتي توفر قنوات جديدة لمصنعي الأغذية والمشروبات، وكذلك تجار التجزئة للوصول للمستهلكين.
وتشمل الفرص أيضا تمتع الشركات الأجنبية التي تتطلع لدخول السوق بفرص أكبر للنجاح في حال عقد شراكات مع اللاعبين المحليين أو الإقليميين، وتنوع أنماط الاستهلاك في الطعام والشراب مع ارتفاع الدخل المتاح، وزيادة الوعي الصحي، كما توفر الشريحة السكانية الأكبر صاحبة الدخل المنخفض فرص لاستهلاك السلع سريعة الحركة.
الإنفاق الحقيقي
وتتوقع «فيتش أن يحقق الإنفاق الحقيقي للأسر نموا بـ%3.7 العام الحالي، وبخلاف دول العالم شهد إنفاق المستهلكين المصريين أداء جيدا خلال فترة الجائحة، بفضل الدعم الحكومي وانخفاض التضخم، وتدفقات قوية لتحويلات العمالة.
وتوقعت المؤسسة آفاقا إيجابية للإنفاق الاستهلاكي العام الحالي بدعم عدة عوامل شملت تحقيق الاقتصاد المصري معدلات نمو حقيقية %3.1 واستمرار تراجع معدلات التضخم إلى %5.1 على أساس سنوي، مقارنة مع %5.7 العام 2020، وتراجع معدلات البطالة (من إجمالي القوى العاملة) إلى %7.5 مقارنة مع %8 العام الماضي، فضلا عن تعافى سعر النفط الذي سيخلق مزيدا من فرص التعاون مع دول الخليج يدعم تحويلات العمالة.
وعلى المدى المتوسط، توقعت “فيتش” نمو الإنفاق الحقيقي للأسر في مصر خلال الفترة من 2021-2025 بمتوسط سنوي %4.2.
وأشارت إلى أن تضافر عوامل مثل انخفاض التضخم، وآفاق وظيفية أفضل، سترفع القوى الشرائية، وثقة المستهلكين، من المتوقع أن يؤدى إلى نمو مستقر في إنفاق المستهلكين، وتركيزهم على السلع غير الضرورية.
ويهيمن الإنفاق الضروري (الغذاء، المشروبات غير الكحولية، والمرافق والسكن، والملابس والأحذية، والنقل، والاتصالات) على إنفاق المستهلكين في مصر، بدعم نسبة كبيرة من الأسر منخفضة الدخل بالبلاد، إلا أنه خلال السنوات الخمس المقبلة سنشهد تغيرا هامشيا في تركز إنفاق الأسر على صعيد السلع الأساسية، وغير الأساسية.
وسيرتفع الإنفاق الضروري من مستويات 1.5 تريليون جنيه العام الحالي، إلى 2.1 تريليون جنيه بنهاية عام 2025 ولكن ستتراجع نسبته خلال السنوات الخمس المقبلة، إذ تنخفض نسبة الإنفاق على الطعام والمشروبات غير الكحولية من %32.7 العام الحالي، إلى %32.1 بنهاية 2025 بينما يرتفع الإنفاق على السكن، والمرافق، والاتصالات.
وسوف يشهد الإنفاق الضروري تراجعا نسبيا على المدى المتوسط ليصل إلى %64.3 من إجمالي الإنفاق في 2025، تراجعا من %64.8 مع تحسن القوى الشرائية للأسر خلال السنوات المقبلة، وزيادة القدرة لدى مزيد من المستهلكين للتركيز على المنتجات، والخدمات غير الأساسية.
ومن المتوقع أن يحقق الاتفاق على العناصر غير الأساسية مكاسب حتى عام 2025 مع تحول عادات المستهلكين، إذ يحقق الإنفاق على المنتجات المرتبطة بالصحة من إجمالي إنفاق الأسر متوسط نمو سنوي %10.6 حتى 2025.
تفاؤل بالاستثمار الزراعي
رسمت «فيتش سوليوشن في تقرير بحثي حديث نظرة متفائلة لقطاع الاستثمار الزراعي في مصر، بدعم نمو الإنتاج، والاستهلاك في جميع المنتجات المرتبطة به وتشمل الألبان، واللحوم، والحبوب، والدواجن، وذلك رغم أن البلاد ستظل مستوردًا كبيرًا للعديد من المنتجات الزراعية، وأبرزها الحبوب نتيجة توسع عجز الذرة والقمح.
وسيدعم النمو المُرجح في استهلاك اللحوم، ومنتجات الألبان ارتفاع الدخل، ونمو الناتج المحلى الإجمالي المستقر، والزيادة السكانية، بينما على صعيد استهلاك الحبوب سوف يتفوق أداء الذرة مما يعكس التوقعات المتفائلة لقطاع الثروة الحيوانية في مصر، خاصة الدواجن، التي تستخدم الذرة كعلف لها، وفقا للتقرير.
وأشارت إلى أن الحكومة المصرية لاتزال ملتزمة بتعزيز الإنتاج الزراعي المحلى، وتوقعت زيادة الاستثمارات خلال العام المالي 2022/2021 مع مخطط الحكومة لتعزيز الأمن الغذائي المحلى بسبب المخاوف التي أبرزها وباء كورونا.
وتوقعت نمو الناتج المحلى الإجمالي الحقيقي بمتوسط 4.3% خلال الفترة من 2021 إلى 2025، مقارنة مع %3.6 في عام 2020 بينما سيسجل تضخم أسعار المستهلك متوسط %5.9 خلال الفترة من 2021 – 2025، مقارنة بمتوسط متوقع %5.1 العام الحالي.
وترى المؤسسة العالمية إن مصر ستظل مصر واحدة من أكبر مستوردي الحبوب على مستوى العالم مع توسع عجز الذرة والقمح حتى العام 2025 بينما توقعت في الوقت الحالي أن تهدأ الصدمات الحادة لـ “Covid-19” خلال الفترة المتبقية من عام 2021، مع تفوق نمو الناتج المحلى الإجمالي في مصر مقارنة مع الدول الأخرى في المنطقة على المدى القصير والطويل.
وقالت “فيتش” إن إنتاج القمح سينمو بشكل محدود نتيجة نقص الأراضي الزراعية المتاحة، بمتوسط %0.9 على أساس سنوي من الفترة 2020-2021 إلى 2024 – 2025 ليصل إلى 9.2 مليون طن بنهاية هذه الفترة، بدعم البرامج الحكومية تهدف إلى تحسين الري المائي والتحول عن إنتاج الأرز.
ولفتت إلى أن مصر ستتحول من كونها مكتفية ذاتيًا تقريبًا في الأرز سابقًا، إلى تسجيل زيادة في الواردات لتعويض الطلب، مما يوفر فرصة لمصدري الأرز لاكتساب حصة أكبر من السوق في سوق لم تكن مستغلة من قبل.
وأشارت إلى أن استهلاك الأرز سيشهد نموا ملحوظا بواقع %0.9 على أساس سنوي من 2021 إلى 2025، ليصل إلى 4.5 مليون طن بنهاية الفترة المذكورة، نتيجة انخفاض استهلاك الخبز بسبب نظام دعم المواد الغذائية الجديد.
وتتوقع “فيتش” نموا في إنتاج الدواجن بمتوسط %4.2 على أساس سنوي من 2021 إلى 2025، بدعم عدد من الاستثمارات الأخيرة في القطاع، ومساعي من الشركات، والمستثمرين الآخرين للاستفادة من ارتفاع الطلب محليا، واقتناص الفرص التصديرية الجيدة، خاصة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وعلى صعيد قطاع الأجبان، قالت “فيتش” إنها تتوقع أن مصر تعد مصدرًا صافيا للجبن، متوقعة مزيد من الفرص التصديرية خلال الفترة من 2021 – 2025.
انتعاش الإيجارات
وترى “فيتش” أن الطلب على العقارات الصناعية سيظل قويًا خلال العام الحالي، ويشهد مزيد من التعافي العام المقبل، وسط استمرار تطوير البنية التحتية في البلاد، وارتفاع الطلب، مما يحرك الإيجارات إلى مستويات أعلى قليلاً.
ولفتت إلى أن تطوير العقارات الصناعية الجديدة في مصر سيستمر على قدم وساق حيث إنها من بين أكثر العقارات فعالية من حيث التكلفة في العالم بسبب انخفاض تكاليف الطاقة، ورخص المعروض من الأسمنت والصلب.
وأشارت “فيتش” إلى أن القاهرة لاتزال المركز الرئيسي لنشاط العقارات التجارية، بدعم وجود شهية جيدة للفرص الجديدة، ولا سيما المكاتب الاستثمارية وعقارات التجزئة، كما يعزز قطاع السياحة الطلب على مرافق البيع بالتجزئة في الجيزة، متوقعة استمرار الطلب الجيد على الأصول الصناعية في الإسكندرية مع استعداد الصادرات للحفاظ على نمو قوى على المدى المتوسط.
وأكدت أن سوق المكاتب في مصر سيشهد طلبا مستقرا بدعم التطورات الرئيسية في جميع المجالات، مع نقص المعروض عالي الجودة مما يؤدى إلى زيادة الطلب ويوفر دفعة معتدلة للإيجارات العام الحالي في القاهرة والجيزة.
وترى المؤسسة أن معدلات الإيجارات ستشهد انتعاشًا واضحًا في القاهرة والجيزة والإسكندرية وتتبع مسارًا تصاعديًا على المدى المتوسط إلى الطويل، بدعم من النمو السكاني، وذلك رغم الانتشار البطيء للقاح، والذي يترتب عليه عدم تحقيق الاقتصاد والإنفاق مكاسب كبيرة حتى عام 2022، عندما يقترب قطاع السياحة كثيرا من مستويات ما قبل الجائحة.
ورسمت سيناريو لنقاط الضعف والقوة، والفرص والتحديات التي تواجه القطاع، لافتة إلى أن نقاط القوة للقطاع العقاري تشمل الدعم الحكومي لمشروعات البناء، معدلات الأسعار الملائمة للمستثمرين الأجانب والتي تدعم الطلب الجيد على الأسهم العقارية التجارية المحلية، والسعة الكبيرة للأراضي التي تسمح بتطوير مخزون جديد.
وترى المؤسسة العالمية فرصا بالقطاع تشمل ندرة الأصول الاستثمارية، والطلب المتزايد على الأصول المولدة للدخل، مما يوفر مساحة للمطورين.
قطاع الطاقة
تتوقع “فيتش” نموا مستمرا في قطاع الطاقة خلال العقد المقبل، مع بدء التشغيل التجاري للعديد من محطات الطاقة الشمسية، والرياح، والطاقة الحرارية، لافتة إلى أن الفائض الكبير في إمدادات الطاقة الكهربائية سوف يعيق النمو على المدى المتوسط، ويلقى بظلاله على الاستثمارات الجديدة.
وتشير إلى أن الاستثمار في البنية التحتية الجديدة لتصدير الكهرباء، والتوسع في القطاع الصناعي سوف يعزز الطلب على المديين المتوسط والطويل، مما يؤدى إلى خفض الفائض، ويجدد الاستثمار في قطاع الطاقة خلال الفترة المتبقية حتى 2030.
وأكدت المؤسسة أن مصر سوف تظل تعول بقوة على الطاقة الحرارية حتى عام 2030 وسوف تُشكل طاقة الغاز غالبية الطاقة الحرارية الكهربائية المولدة بالسوق، وستكون النسبة الأكبر من الطاقة الحرارية الجديدة متاحة خلال العقد المقبل.
وبذلك تظل طاقة الغاز مهيمنة على قطاع الطاقة خلال السنوات العشرة المقبلة مع النمو المدعوم بالزيادة المتسارعة في الطلب على الكهرباء، والتوسع في تصديرها، كما ترتفع في الوقت نفسه حصة طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، ليصل إجماليها إلى 4.7 جيجا وات، و5.8 جيجا وات على الترتيب من مزيج الطاقة خلال الفترة المذكورة.
ولفتت إلى أن مصر تحتل المرتبة السادسة في مؤشرهم الإقليمي لمخاطر ومكافآت الطاقة، والـ 48 عالميا.
وأشارت إلى أن النمو المتسارع للقطاع سوف يوفر فرص ضخمة للاستثمار حتى 2025، خاصة في قطاع الطاقة المتجددة، بينما تتمثل المخاطر في التهديدات الأمنية في مناطق غرب وجنوب البلاد، وضعف بعض النواحي القانونية التي تؤدى إلى ردع المستثمرين الكارهين للمخاطرة.
وترى “فيتش” تراجعا في الشكوك حول قدرة صناعة البتروكيماويات المصرية على متابعة برنامج طموح لبناء قدراتها، فيما تستمر إدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي في دعم القطاع، مما يترتب عليه تراجع المخاطر والتحديات التي يواجها القطاع.
ولفتت المؤسسة العالمية إلى ارتفاع درجة مصر على مؤشر مخاطر / مكافآت البتروكيماويات بمقدار 1.5 نقطة لتسجل 49.9 نقطة، مما أدى إلى صعود ترتيبها في تصنيف الشرق الأوسط وأفريقيا من المركز الثامن إلى السابع.
وتوقعت أن تحقق مصر مزيدا من التقدم في مركزها إذا تم إحراز تقدم في مجمع التحرير للبتروكيماويات التابع لشركة “كاربون هولدنجز”، والذي من المفترض أن يتأخر العمل فيه حتى عام 2025، فيما أبدت تفاؤلا بشأنه.
ولفتت أيضا إلى أن مشروع مجمع العين السخنة للبتروكيماويات، والذي من المفترض أن يسلم وحدة تكسير بسعة مليون طن سنويًا سيتأخر بالمثل.
وعلى صعيد الفرص المتاحة، قالت المؤسسة الدولية إن إدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي أثبتت استقرارها، مع ترجيحات استمرارها في دعم قطاع البتروكيماويات، مما يترتب عليه تراجع التحديات والمخاطر التي تواجه القطاع، لافتة إلى أنه من المتوقع أن يتوسع القطاع بسرعة حال استمرار المشروعات كما هو مخطط لها، إضافة إلى تحقيق تطورات كبيرة في قطاعي الأسمدة والبتروكيماويات مع الاعتماد على احتياطيات الغاز المحلية.
وترى أن سماح الحكومة للشركات الأجنبية بالاستثمار في قطاع الأسمدة الفوسفاتية الذي يستفيد من المواد الأولية منخفضة التكلفة سيعزز الاستثمار في القطاع.
وعلى الجانب الآخر، قالت “فيتش” إن هناك مجموعة من التحديات أمام القطاع، تتمثل في تهديد أزمة كورونا للمشروعات المخطط لها، والطلب المحلى، وسط توقعات بانخفاض احتياطيات النفط، وتحول مصر إلى مستورد صافي له، مع استمرار المستثمرين الأجانب في التركيز على استثمارات الطاقة التي تعد أكثر جاذبية من البتروكيماويات.
وطرحت المؤسسة رؤيتها على المدى الطويل، مشيرة إلى أن النمو طويل الأجل للقطاع أصبح على المحك في أعقاب الجائحة، حيث يواجه مشروع التحرير للبتروكيماويات على المستوى العالمي، والذي لم يبدأ بناؤه بشكل جدي، تأخيرًا مع أخذ شركة “Carbon Holdings “في الاعتبار المخاطر التجارية السلبية في وقت تقلب أسعار المواد الأولية وإمكانية حدوث تخمة طويلة الأجل في إمدادات البتروكيماويات العالمية.
وتابعت، أيضا نظرًا لأن المشروع سيتعين عليه التعامل مع سوق خارجي شديد التنافسية بسبب تأثيرات وباء Covid -19 على الطلب العالمي.
الخدمات اللوجستية
ترى “فيتش” أن الملف اللوجستي في مصر له دور مهم في الانتعاش الاقتصادي للبلاد، مشيرة إلى أن النظرة إيجابية على المدى الطويل للقطاع، مع نجاح جهود الحكومة في برنامج الإصلاح الاقتصادي في جذب استثمارات جديدة تدعم عمليات التطوير اللازمة للقطاع.
وتقول المؤسسة العالمية إنه في حين تستفيد الشركات العاملة بالفعل من الموقع الجغرافي للبلاد وشبكاتها الجوية والبحرية الممتازة، إلا أنها لا تزال في حاجة ماسة إلى تحسين إمدادات المرافق وكذلك عمليات تطوير البنية التحتية للطرق والسكك الحديدية.
ولكنها ترى في الوقت نفسه أن النظرة المستقبلية للملف اللوجستي في مصر إيجابية على المدى الطويل، بدعم جهود الحكومة في برنامج الإصلاح الاقتصادي، والتي ساعدت في جذب الاستثمارات التي تشتد الحاجة إليها لتنفيذ التحسينات المطلوبة.
وعلى المدى المتوسط، ستواجه الشركات أيضًا ارتفاعًا في تكاليف الطاقة والمياه، حيث يتم التراجع عن الدعم بشكل تدريجي، وتصبح الرسوم الجمركية أكثر انعكاسًا للتكلفة، وعلى المدى القصير إلى المتوسط ستتأثر الأعمال المعتمدة على الاستيراد بسبب التأخيرات طويلة المدى، والتكاليف المرتفعة.
ولفتت “فيتش” إلى أن مصر تحتل المرتبة السادسة في مؤشر المخاطر اللوجستية الخاص بها من بين 18 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمرتبة 66 عالميًا مع درجة 59.8 تضع البلاد قبل تونس والجزائر.
وطرحت “فيتش” عدة عوامل مرتبطة بالقطاع، جاء من بينها إجراءات التجارة والحوكمة والتي حصلت مصر فيها على 42.5 درجة من إجمالي 100، مشيرة إلى أن الشركات العاملة في مصر ستواصل الاستفادة من الموقع الجغرافي للبلاد، والاتصالات الجوية والبحرية القوية، وظهور التحول الرقمي في التجارة، إلا أنه في المقابل ستظل تكلفة عمليات التجارة تمثل تحديًا كبيرًا، خاصة بالنسبة للشركات التي تعتمد على الاستيراد.
وعلى صعيد شبكة النقل التي كان نصيب مصر فيها 66.6 درجة من إجمالي 100 درجة، قالت “فيتش” إن الشركات العاملة في مصر تعتمد بشكل كبير على شبكة طرق غالبًا ما تكون مزدحمة، مع معاناة بعضها من حالة سيئة، مما يزيد من مخاطر التأخير والاضطراب.
ولفتت إلى أنه على الرغم من التحسينات المستمرة لشبكات الطرق، والتي تعد لبنية تحتية أفضل للطرق على المدى الطويل، ستستمر الشركات في مواجهة مخاطر تعطل سلسلة التوريد على المدى القصير إلى المتوسط حيث من المرجح أن تؤدى أعمال التطوير إلى مستوى أعلى من ازدحام حركة المرور.
وذكرت المؤسسة أن مصر حصلت على 70.4 من 100 درجة في شبكة المرافق، مشيرة إلى أن الشركات العاملة في مصر ستواجه ارتفاعًا في تكاليف المرافق على المدى القريب بسبب انخفاض دعم الكهرباء والوقود حيث تنفذ الدولة إصلاحات هيكلية حاسمة وهياكل تعريفات عاكسة للتكلفة لتحسين استدامة إمدادات الكهرباء على المدى الطويل.
وتطرقت المؤسسة إلى مجموعة من نقاط القوة للقطاع والتي شملت توقعات بالانتعاش على المدى المتوسط، رهنا باستقرار البيئة السياسية، إضافة إلى أن موانئ البلاد تعد نقاط اتصال مباشرة لشركات الشحن الدولية، واتساع قاعدة المستهلكين في البلاد بدعم التعداد السكاني الكبير.
وعلى صعيد الفرص التي يمتع بها القطاع، قالت إنه من المحتمل أن يكون هناك استثمار كبير في شبكة المرافق، إضافة إلى أن الإصلاح التدريجي للدعم سوف يخفف ببطء من ارتفاع الطلب على الوقود ويقلل من مخاطر العجز، كما سيؤدى توسيع مرافق الشحن الجوي إلى تحسين حجم التجارة وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي مهم للتجارة الجوية.
وأشارت أيضا إلى أن ندرة المياه المتزايدة على القطاع الزراعي الرئيسي في البلاد والتوسع في الصناعات الأخرى كثيفة الاستهلاك للمياه، ستقيد تدفقات التجارة الإقليمية بفعل فجوات الطرق التجارية والصراع والمخاطر السياسية.
د عبدالمنعم السيد
مدير مركز القاهرة للدراسات الإقتصادية والإستراتيجية