عقد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الجلسة الـ15 من سلسلة جلسات “المنتدى الفكري”، تحت عنوان: “آليات زيادة القيمة المضافة للمنتجات الزراعية.. نحو مستقبل أفضل للتصنيع الزراعي”، وذلك بحضور نخبة من المستثمرين في مجالي الزراعة والصناعات الغذائية، وبمشاركة ممثلين عن وزارتي الزراعة والصناعة.
وأكد أسامة الجوهري، مساعد رئيس مجلس الوزراء، رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، اهتمام الدولة بالنهوض بأوضاع قطاع الصناعات الغذائية وتذليل كافة العقبات التي تواجهه في سبيل زيادة حجم النمو والإنتاج، مشيرًا إلى أهمية ذلك القطاع بالنسبة لإكمال سلاسل القيمة المضافة للإنتاج الزراعي، وبما يسهم في زيادة حجم الصادرات الزراعية وتعزيز حجم المعروض بالسوق المحلية.
وفي مستهل الجلسة، ألقى الدكتور يسري أحمد، الخبير الاقتصادي بـ”مركز المعلومات” بمجلس الوزراء، عرضًا تقديميًا تضمن عددًا من المؤشرات بقطاعي الزراعة والصناعات الغذائية، بما يشمل واقع الإنتاج الزراعي ومدى الاستفادة من المخلفات الزراعية في عمليات إعادة التصنيع، ومستعرضًا أهم الفرص التصديرية لزيادة دور التصنيع الغذائي في التجارة الخارجية المصرية، مضيفًا أن قطاع الصناعات الغذائية يملك فرصًا متعددة لزيادة حجم نصيبه في الناتج القومي الإجمالي، والذي يبلغ حاليًا 17.5 مليار دولار، بجانب زيادة حجم صادراته التي تبلغ 3.8 مليارات دولار بنسبة تمثل 13.4% من إجمالي الصادرات غير البترولية (2022).
وأوضح “أحمد”، أن مصر مؤهلة لأن تصبح مركزًا إقليميًا للتصنيع الزراعي بشكل عام والصناعات الغذائية بشكل خاص، وذلك بالنظر إلى نقاط القوة لدى السوق المصري كأحد أكبر الأسواق في المنطقة، وكذلك في ظل تمتع القطاع الزراعي المصري بوفرة الإنتاج بخاصة في الخضراوات والفاكهة، والتي تعد أحد المدخلات الرئيسة للعديد من الصناعات الغذائية، وفي ظل وجود كميات كبيرة من المخلفات الزراعية غير المستغلة، والتي تعد أحد المقومات الرئيسة لقيام صناعات زراعية واعدة، خاصة مع اندماج مصر في العديد من اتفاقيات التجارة الدولية والشراكات على الصعيد الإقليمي والعالمي، وذلك بالتوازي مع دعم مجالات البحوث التطبيقية وتعزيز منظومتي التسويق وتوفير مستلزمات الإنتاج.
ومن جانبها، أوضحت دعاء سليمة، المدير التنفيذي لمركز تحديث الصناعة بوزارة التجارة والصناعة، الخطوات التي اتخذها المركز لدعم الصناعات الغذائية في إطار خطط الدولة لتحقيق الأمن الغذائي للمواطنين، مشيرة إلى أن المركز بدأ خطوات جادة بالتعاون مع هيئة تنمية الصعيد لزيادة القيمة المضافة لمحصول الطماطم، بإنشاء مصانع للتجفيف لاستغلال الطلب المرتفع على منتجات الطماطم المجففة خاصة بالاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى وجود خطوات أخرى مثيلة لإنشاء مصانع لمركزات الرمان والبصل المجفف وغيرها من المحاصيل، بما يسهم في زيادة قيمتها المضافة وتقليل واردات منتجاتها المُصنّعة من الخارج توفيرًا للعملة الصعبة.
وأضافت “سليمة”، أن التصنيع الزراعي يمتلك فرصًا لإنتاج عدد من المنتجات التي نعتمد في توفيرها بشكل كبير على استيرادها من الخارج، مثل: الورق وأخشاب الـ MDF، والتي يتم تصنيعها من بعض أنواع المخلفات الزراعية، بما يتطلب وضع خريطة بحجم المخلفات الزراعية في مصر وأماكنها وربطها باحتياجات السوق وأماكن التصنيع، مضيفة أن المركز يعمل على تذليل العقبات التي تواجه صناعة الألبان من خلال رصد احتياجات المصنعين وربطها بآخر مستجدات البحث العلمي في ذلك المجال، وذلك في إطار جهود جارية لإنشاء مجمع لصناعة منتجات الألبان بدمياط.
ولفتت “سليمة”، إلى أن الدولة وضعت حوافز جديدة لتشجيع المستثمرين بالمناطق الصناعية الجديدة، تضمنت إعفاء من قيمة حق الانتفاع لمدة 9 أشهر من بدء النشاط، بجانب منح الأراضي الصناعية بثمن توصيل المرافق فقط، بالإضافة إلى إعفاءات مالية أخرى للمصانع المتعثرة، مع منح مصنعي مستلزمات الإنتاج الزراعي حزمة من الحوافز لتشجيع تلك الصناعات محليًا بدلاً من استيراد منتجاتها من الخارج.
في حين قالت الدكتورة هدى رجب، رئيس مركز الزراعات التعاقدية بوزارة الزراعة، إن منظومة الزراعات التعاقدية تعمل على تعزيز أوضاع سلاسل التوريد محليًا، من خلال وضع “سعر ضمان” للمزارعين بالنسبة لقائمة من المحاصيل الاستراتيجية، مثل: القمح وفول الصويا وعباد الشمس وغيرها، وذلك عبر تعاقد مباشر بين الحكومة والفلاح قبل زراعة المحصول، على أن يتم شراء المحصول منه بـ “سعر البورصة” حال ارتفاعه مقارنة بـ “سعر الضمان” المتفق عليه مسبقًا مع الفلاح، الأمر الذي يسهم في استقرار الإنتاج الزراعي وتوريد المحاصيل وتحقيق الربحية للفلاح مع استقرار سياسات التسعير وتوفير مدخلات الإنتاج للتصنيع الزراعي.
ولفتت “رجب” إلى هناك جهود حكومية جارية لوقف استيراد التقاوي وإنتاج أصنافها محليًا في ظل دعم الدولة لأبحاث استنباط السلالات عالية الإنتاجية، بما يعظم الإنتاج الزراعي ويسهم في توفير إمدادات من المحاصيل بجودة عالية للصناعات الغذائية، مؤكدة على أهمية تلك الأبحاث بالنسبة للمشروعات القومية الزراعية الكبرى في توشكى وشرق العوينات و”الدلتا الجديدة”، والتي تشهد زراعة أصناف من الذرة حاليًا بجودة تنافس نظيرتها العالمية، لافتة إلى أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تمويل دراسات التوسع الرأسي وتسجيل ونشر أبحاث استنباط سلالاته عالميًا بما يحدم زيادة الإنتاج الزراعي.
وأشارت “رجب”، إلى أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص يجب أن تمتد أيضًا إلى مجالات إنشاء وتشغيل معامل منظومة التكويد، والتي تشمل تتبع كافة الشحنات المصرية المصدرة بدءًا من المزرعة وحتى وصولها إلى الدولة المستوردة باستخدام أحدث التكنولوجيات بالإضافة إلى الرقابة على تطبيق الممارسات الزراعية الجيدة بالمزارع التصديرية، وبما يسهم في النهاية في زيادة حجم الصادرات.
وفي السياق نفسه، استعرض الدكتور محمود عزت، نائب رئيس مركز الزراعات التعاقدية بوزارة الزراعة، بعض المقترحات لإنشاء مصانع لزيوت النباتات الطبية والعطرية بمحافظة المنيا، وإنشاء مصانع للخضروات المجمدة والمجففة، خاصة بالنسبة لمحاصيل البامية والفاصوليا والبصل والثوم، مشيرًا إلى أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص لزيادة مراكز تجميع الألبان على مستوى مناطق الإنتاج، كأحد المشروعات القومية للدولة لزيادة إنتاج الألبان محليًا بأفضل جودة ممكنة، وبما يوفر مستلزمات إنتاج منتجات الألبان وتحقيق ربح إضافي للفلاح.
كما أكد الدكتور عاطف سعد، وكيل معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية بمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أن المعهد يملك العديد من الدراسات والأبحاث التي يمكن من خلالها زيادة الإنتاج المحلي لعدد من الأصناف ووقف استيرادها من الخارج، خاصة بمنتجات الألبان المختلفة، مشيرًا إلى أهمية الربط بين مخرجات البحث العلمي ومتطلبات الصناعات الغذائية من خلال البحوث التطبيقية خاصة في مجال تدوير المخلفات الزراعية وتقليل الفاقد من الإنتاج
وفي المقابل، قال المهندس خالد عقل، الرئيس التنفيذي لشركة “حلواني إخوان – مصر”، إن الاستمرار في تنمية الثروة الحيوانية الداجنة والسمكية يعد خطوة هامة في سبيل زيادة التصنيع المحلي من منتجاتها جنبًا إلى جنب منتجات الخضر والفاكهة والحبوب، لافتًا إلى ضرورة تعزيز أوضاع صناعات التعبئة والتغليف لتوفير احتياجات قطاع الصناعات الغذائية من العبوات المختلفة كخطوة تكمل سلسلة التصنيع المحلي، بجانب دعم عمل مصانع مركزات العصائر كأحد القطاعات التصديرية الواعدة، مطالبًا بتحفيز أنشطة الشركات الناشئة العاملة في مجالات التطبيقات الزراعية الذكية لزيادة جهود الإرشاد الزراعي.
وقال الدكتور سمير النجار، رئيس مجلس إدارة شركة “دالتكس”، إن ارتفاع نسبة الهدر بكافة مراحل الإنتاج الزراعي يلزم بضرورة البحث عن أفضل الوسائل الحديثة لحفظ ونقل وتخزين المنتجات بما يوفر الإمدادات لمصنعي الأغذية، بجانب قياس العائد على وحدة المياه والأرض لتعظيم الإنتاجية وزيادة التصدير، كخطوات تكمل مستهدفات دعم التصنيع الغذائي، مع دعم الشراكة مع الحكومة في مجالات البحوث الزراعية التطبيقية.
كما قال المهندس مصطفى النجاري، رئيس لجنة الزراعة بجمعية رجال الأعمال المصريين، إن النهوض بأوضاع الصناعات الغذائية يتطلب تهيئة سياسات التوريد والتسويق والتسعير، كمحددات رئيسية تضمن وجود قواعد حاكمة لخطط تطوير ذلك القطاع، بجانب الاستمرار في سياسات تدوير المخلفات والزراعات التعاقدية، لافتًا إلى تزايد مخاطر تغير المناخ وتأثيره على إنتاج الغذاء عالميًا مع زيادة استخدام المحاصيل في الصناعات غير الغذائية كصناعات الطاقة الحيوية، بما يحتم تذليل العقبات أمام الإنتاج الغذائي والذي تشير المؤسسات العالمية إلى أنه يحتاج إلى زيادة على مستوى العالم بنسبة 80% بحلول 2050.
وأضاف المهندس مدحت الجابري، رئيس مجلس إدارة شركة الاتحاد للأعلاف والزيوت والصابون، أن زيادة مساحات زراعة المحاصيل الزيتية تعد عاملًا مهمًا لتعزيز خطط تطوير صناعات الزيوت محليًا، مؤكداً على ضرورة وضع منظومة لتسعير الأعلاف والرقابة على حلقات تداولها.