عادت أسعار الذهب في مصر للارتفاع مرة أخرى خلال تداولات اليوم بدعم من ارتفاع أسعار الذهب عالمياً ولكنه يحتاج إلى مزيد من الزخم لتأكيد هذا الارتفاع في السوق المحلي الذي شهد عمليات تراجع في الأسعار بشكل تدريجي منذ نهاية عطلة عيد الأضحى.
سجل سعر جرام الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً اليوم الثلاثاء 2190 جنيه للجرام بعد أن افتتح تداولات اليوم عند المستوى 2180 جنيه للجرام، يأتي هذا بعد ان شهد جلسة متذبذبة يوم أمس سجل خلالها أدنى سعر عند 2155 جنيه للجرام.
الارتفاع الحالي في أسعار الذهب المحلية يأتي بدعم من ارتفاع سعر الذهب عالمياً وتخطيه منطقة 1930 – 1935 دولار للأونصة التي كانت تمثل عائق أمامه لفترة طويلة، وهو ما انعكس على أداء الذهب في السوق المصري في ظل ارتباط التسعير مع السوق العالمي بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة وفق تحليل جولد بيليون
يأتي هذا الأداء الإيجابي في سعر الذهب المحلي بعد أن استمر في التراجع التدريجي منذ تسجيله 2300 جنيه للجرام أثناء إجازة عيد الأضحى ليعود بعدها في الهبوط بسبب ضعف الطلب المحلي وعدم وجود عوامل تساعده على الصعود محلياً وعالمياً.
والآن قد تعود الأسواق إلى الارتفاع من جديد بدعم من السوق العالمي، ولكن يحتاج الذهب إلى تجميع زخم إيجابي يساعده على الاستمرار في هذا الارتفاع.
اليوم صدرت بيانات التضخم الأساسي عن البنك المركزي المصري وأظهرت ارتفاع التضخم الأساسي السنوي خلال شهر يونيو بنسبة 41% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وكانت قراءة شهر مايو بنسبة 40.3%.
وعلى المستوى الشهري ارتفع مؤشر التضخم الأساسي بنسبة 1.7% في يونيو مقابل ارتفاع بنسبة 2.9% في الشهر السابق.
بيانات الأمس التي صدرت عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أظهرت ارتفاع التضخم السنوي في مدن مصر خلال شهر يونيو بنسبة 35.7% وهو أعلى مستوى على الاطلاق بعد أن كان بنسبة 32.7% في شهر مايو الماضي.
يذكر ان البنك المركزي المصري قد قام برفع الفائدة 800 نقطة أساس في عام 2022 بالإضافة إلى 200 نقطة أساس خلال اجتماعه في شهر مارس الماضي في محاول لمواجهة التضخم بالإضافة إلى جذب استثمارات بالعملات الأجنبية لأدوات الدين الحكومية.
تترقب الأسواق اليوم اعلان الحكومة المصرية عن مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء يتم خلاله الإعلان عن الجزء الأول من برنامج الطروحات الحكومية لـ 32 شركة مملوكة للدولة، وذلك بعد فترة من التأخير مذن اعلان الحكومة عن هذا البرنامج في مارس الماضي.
شهد هذا البرنامج صعوبات كبيرة خلال الفترة الماضية بسبب رغبة المستثمرين الاستراتيجيين في المزيد من عمليات خفض سعر الصرف قبل البدء في المشاركة في شراء الشركات، وهو ما تسبب في تأخير البرنامج وبالتالي عدم حصول مصر على الدفعة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي البالغ 3 مليار دولار.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
ارتفعت أسعار الذهب اليوم فوق المتوسط المتحرك لـ 100 يوم عند 1934 دولار للأونصة بعد اختراق المقاومة الأولية عند 1930 دولار للأونصة، والآن على الذهب الاستمرار في التداول والاستقرار فوق هذه المنطقة لتحقيق اختراق ناج لهذه المنطقة.
ولن سيواجه الذهب مقاومة جديدة عند منطقة 1940-1943 دولار للأونصة متمثلة في المتوسط المتحرك لـ 50 يوم ومستوى المقاومة الرئيسي في هذه المنطقة عند 1942 دولار للأونصة، وقد تعمل هذه المنطقة على إضعاف الاتجاه الصاعد إلا إذا حصل الذهب على زخم كافي للارتفاع بدعم من بيانات التضخم الأمريكية.
في حالة فشل الذهب في إيجاد الدعم الكافي للصعود يعود إلى التراجع وإعادة اختبار منطقة الدعم الهامة عند 1900 – 1915 دولار للأونصة وفق جولد بيليون
بالنسبة لأسعار الذهب المحلية نجد أن الأسعار قد عادت إلى الارتفاع بداية من جلسة اليوم بعد سلسلة من الانخفاض والتذبذب خلال الفترة الماضية، ولكنها تواجه حالياً المستوى 2200 جنيه للجرام عيار 21، ونجاح أسعار الذهب في استكمال الصعود يعتمد على اختراق هذا المستوى بشكل ناجح والاستقرار أعلاه، وفي هذه الحالة يكون المستهدف التالي لسعر الذهب الوصول لمستوى 2220 جنيه للجرام يليه المستوى 2250 جنيه للجرام، بينما فشل الأسعار في اختراق المستوى 2200 جنيه للجرام يعيد السعر إلى التذبذب والتراجع حتى المستوى 2150 جنيه للجرام.
وتشهد أسعار الذهب محاولات جادة لاختراق منطقة المقاومة السعرية التي أجبرتها على التداول تحتها لأكثر من ثلاثة أسابيع، وذلك بعد الدعم الكبير الذي حصل عليه المعدن النفيس من جراء انخفاض حاد في مستويات الدولار الأمريكي بسبب التوقعات أن الفيدرالي الأمريكي اقترب من انهاء دورة رفع أسعار الفائدة.
تتداول أسعار الذهب الفورية اليوم الثلاثاء وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1936 دولار للأونصة بعد أن ارتفعت بنسبة 0.6% ليسجل أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع عند 1938 دولار للأونصة.
يعد ارتفاع أسعار الذهب اليوم أول محاولة جادة لاختراق منطقة المقاومة السعرية 1930 – 1940 دولار للأونصة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، حيث استطاع الذهب جمع الزخم الكافي للارتفاع خلال الفترة الأخيرة خاصة بعد استقراره فوق منطقة المقاومة 1900 – 1910 دولار للأونصة.
الدعم الرئيسي في حركة الذهب اليوم يأتي نتيجة الانخفاض الحاد في مستويات الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية، فقد أظهر مؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية انخفاض اليوم بنسبة 0.2% ليسجل أدنى مستوى منذ شهرين عند 101.33.
يشهد الدولار انخفاض للجلسة الرابعة على التوالي وسجل منذ يوم الخميس الماضي انخفاض بنسبة 1.6% ليكسر مؤشر الدولار مستويات دعم هامة ساعدته على تسجيل المزيد من الهبوط.
انخفض الدولار منذ تداولات الأمس بعد أن عززت تعليقات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي توقعات السوق بأن البنك الفيدرالي الأمريكي يقترب من نهاية دورة التشديد. حيث صرح العديد من أعضاء الفيدرالي بقيادة رئيسة البنك الفيدرالي في سان فرانسيسكو ماري دالي إن البنك يحتاج على الأرجح إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر لخفض التضخم الذي لا يزال مرتفعًا باستمرار، لكن نهاية دورة تشديد السياسة النقدية الحالية تقترب.
التسعير الحالي في الأسواق يظهر احتمال مرتفع بنسبة 95% أن البنك الفيدرالي سيقوم برفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه القادم هذا الشهر، ولكنه سيتوقف عن عمليات رفع الفائدة عقب هذا الاجتماع دولار اللجوء إلى خفض أسعار الفائدة خلال المتبقي من عام 2023.
تأتي هذه التوقعات بعد تقرير الوظائف الأمريكي عن شهر يونيو والذي أظهر أقل معدل لخلق الوظائف منذ عامين ونصف، الأمر الذي زاد من التوقعات أن الفيدرالي قد لا يحتاج لأكثر من رفع واحد للفائدة خلال النصف الثاني من العام بعد ان بدأ قطاع العمالة في التأثر سلباً بعمليات رفع الفائدة.
التسعير الجديد في الأسواق لمستقبل الفائدة الأمريكية تسبب في ضعف كبير في مستويات الدولار مقابل العملات، وفي المقابل عمل على دعم ارتفاع الذهب بشكل كبير، كون الذهب يتأثر بعلاقة عكسية مع الدولار لأنه سلعة تسعير بالدولار.
من جانب آخر انخفض العائد على السندات الحكومية الأمريكية منذ بداية الأسبوع لكل الآجال، وذلك بسبب ضعف بيانات قطاع العمالة وتغير توقعات الفائدة، فقد انخفض العائد على السندات لأجل 10 سنوات منذ بداية الأسبوع بنسبة 2.5% ليسجل أدنى مستوى عند 3.959% وفق جولد بيليون
بينما انخفض العائد على السندات لأجل عامين التي تعد الأكثر تأثراً بتغير أسعار الفائدة منذ بداية الأسبوع بنسبة 2.1% عند 4.828% وتراجع العائد على السندات يزيد من الدعم للذهب بسبب العلاقة العكسية بينهما، فخروج الاستثمارات من أسواق السندات يزيد من جاذبية الذهب في الأسواق كونه الملاذ الآمن.
هذا وتنتظر الأسواق غداً صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين عن الاقتصاد الأمريكي عن شهر يونيو، والذي يعد مؤشر التضخم الرئيسي وهي البيانات التي من شأنها أن تؤثر على قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي القادم إلى جانب بيانات قطاع العمالة التي صدرت خلال الأسبوع الماضي.
الصين تستمر في شراء الذهب
تواصل الصين الهيمنة على سوق الذهب وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزي الصيني الذي قام بشراء 21 طن من الذهب خلال شهر يونيو الماضي، وهو الشهر الثامن على التوالي ليصل إجمالي عمليات الشراء إلى 165 طن، بينما يبلغ إجمالي احتياطي الصين من الذهب 2113 طن.
يعد الطلب المستمر من الصين على زيادة احتياطيها من الذهب جزء من توجه لجلب المزيد من المصداقية الدولية لعملتها اليوان، حيث أبرمت الصين العديد من الصفقات التجارية الدولية مع موردي ومستوردي السلع حول العالم باستخدام عملتها اليوان، الأمر الذي يدل على عدم رغبة الصين حالياً في الاحتفاظ بالدولار من أجل التجارة والتداول بحسب جولد بيليون.
الصين لديها خامس أكبر احتياطي من الذهب في العالم، وتشير العديد من التقارير أن الصين عليها أن تزيد في احتياطيها من الذهب ليصبح لديها ثاني أكبر احتياطي في العالم بعد الولايات المتحدة التي تملك 8133 طن من الذهب إذا كانت تريد ان يصبح اليوان عملة احتياطية عالمية تنافس الدولار.
البنوك المركزية حول العالم مستمرة في تنويع احتياطاتها بعيداً عن الدولار الأمريكي، وذلك في ظل نمو ديون الولايات المتحدة بالإضافة إلى أزمة سقف الدين التي هددت الاقتصاد الأمريكي والعالمي وتسببت في تراجع الثقة والمصداقية العالمية للولايات المتحدة.
الدين المحلي الأمريكي ارتفع بمقدار تريليون دولار منذ أن أصدرت الحكومة تشريعًا لرفع سقف الديون مطلع الشهر الماضي. وهو ما يدل على أن إنفاق الحكومة الأمريكية خارج عن السيطرة وليس هناك شك في أن هذا هو الحافز الأساسي لشراء الذهب من البنوك المركزية الأجنبية.
الذهب بالنسبة للبنوك المركزية هو أفضل بديل للدولار حالياً وأقلهم مخاطرة، وقد اتضح هذا من عمليات الشراء القياسية المستمرة من قبل البنوك المركزية حول العالم للذهب منذ العام الماضي.
الصين قادت الدول في عمليات شراء الذهب في يونيو الماضي، فقد قامت أوزبكستان بشراء 8 طن من الذهب في أول عمليات شراء لها منذ فبراير الماضي، واشترت التشيك 3 طن في يونيو وهي عملية الشراء للشهر الرابع على التوالي، بالإضافة إلى بولندا التي قامت بشراء 13 طن من الذهب الشهر الماضي.
عمليات شراء الذهب من البنوك المركزية كان وسيظل أفضل داعم لأسعار الذهب التي استطاعت التماسك فوق المستوى 1900 دولار للأونصة على الرغم من الضغوط السلبية القوية خلال الفترة الماضية المتمثلة في سياسة التشديد النقدي للفيدرالي الأمريكي وتوقعات رفع الفائدة التي تعد أكبر عامل سلبي يواجه الذهب.
ولكن الذهب وجد أرض صلبة من استمرار البنوك المركزية في شراء الذهب ما دفعه إلى تجميع الزخم الكافي للارتفاع من جديد.