شهد العالم في الثلاث سنوات الأخيرة عدة أزمات بداية من كورونا وصولاً إلى الأزمة الروسية الأوكرانية ، وأيضا قيام البنك الفيدرالي الاميركي بزيادة سعر الفائدة علي الدولار ٣ مرات منذ بدأ عام ٢٠٢٢ وحتي الآن حيت أصبحت الفائدة الدولارية ١،٧٥ ٪ بعد ان كانت ربع بالمائة ومن المتوقع أن تزيد أسعار الفائدة الدولارية بالبنك الفيدرالي الامريكي لتصبح من ٣٪ الي ٣،٥٪ مع نهاية عام ٢٠٢٢ .
هذا الأمر أدى الي خروج وهروب الاستثمارات غير المباشرة (الأموال الساخنة ) من الأسواق الناشئة والدول النامية والتوجه الي الولايات المتحدة الامريكية
لذلك يجب على الأسواق الناشئة ومن بينها مصر إدراك أن استثمارات أدوات الدين (الأموال الساخنة) لن تكون بالسهولة التي كانت عليها قبل بداية 2022.
وعلى الدول الناشئة ومن بينها مصر أن تعدل من البيئة التنظيمية والتشريعية لديها لتستغني عن الأموال الساخنة التي تتسم بعدم الثبات مؤقتا وتجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تنقل معاها الخبرات والمعرفة التقنية وتزيد من الناتج الحقيقي وتوظف مزيد من العمالة. وبالتالي تقديم حزم تحفيزية للمستثمرين و إزاله معوقات الاستثمار وتشجيع البورصة.
حيث ثبت أن الاستثمارات غير المباشرة في أدوات الدين ” الأموال الساخنة” كانت غصة في حلق الدول النامية حيث نتج عن الخروج المفاجئ لتلك الأموال مع كل أزمة صدمات أثرت على احتياطيات الدول ومركزها المالي وأدت إلى تدهور قيمة عملتها وفي بعض الأحيان عدم إفلاس وعدم قدرة على سداد الديون.
في الاتجاه المعاكس يأتي الاستثمار الأجنبي المباشر بما يمثله من أهمية للاقتصاد المحلي، حيث ينقل معه الخبرة الفنية والمعرفة التكنولوجية بالإضافة إلى توظيف مزيد من العمالة المحلية والمساهمة في رفع مستوى الصادرات.
ويتطلب الاستثمار الأجنبي عدد من العوامل للجذب أهمها الاستقرار الأمني والسياسي في الدولة، بالإضافة إلى الاستقرار الاقتصادي للمؤشرات المختلفة مثل سعر العملة ومعدلات النمو الاقتصادي والمركز المالي للدولة، بالإضافة إلى البيئة التنظيمية والتشريعية وبيئة الأعمال للدولة، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل حجم السوق المحلي وفرص التصدير والبنية التحتية
عملت مصر على تهيئة كافة الأصعدة في السنوات الأخيرة، حيث نجحت في فرض الاستقرار الأمني بالإضافة إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي كما طورت من البنية التحتية المختلفة مثل الموانئ والطرق والكهرباء، بالإضافة إلى الاتجاه لاصلاح البيئة التنظيمية وفتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار في المجالات المختلفة واصدار وثيقة ملكية الدولة.
وجود فرص استثمارية متعددة في كافة القطاعات من الطاقة إلى العقارات ومن الصناعة إلى الزراعة كانت من أهم العوامل التي لفتت أنظار كبرى الشركات العالمية للعمل في مصر، السوق المصري الكبير يجب أن يكون من أهم العوامل التي تجذب مزيد من الاستثمارات حيث يوفر من ناحية يد عاملة رخيصة مقارنة بالدول المجاورة بالإضافة إلى الحجم الاستهلاكي الكبير الذي يمثله.
وقد لجأت مصر إلى أسلوب جديد لتعويض الأموال الساخنة متمثل في إصدار سندات دولية مقومة بالعملات المختلفة مثل الين بسعر فائدة منخفض وبأجل سداد طويل وذلك من أجل تمويل مشروعات معينة في مجالات مختلفة، بالإضافة إلى التوسع في إصدار السندات الخضراء بعد نجاح أول إطلاق في المنطقة في عام 2020 لتمويل مشروعات التنمية المستدامة.
كما ينبغي على الأسواق الناشئة وفي ظل الارتفاع المتوقع في تكلفة الواردات أن تتبني برنامج إحلال محل الواردات وأن تحجم من الواردات غير الضرورية والسلع الكمالية والتي يتوافر لها بديل محلي وذلك للمحافظة على الاحتياطيات من التأكل وتخفيف الضغط من على العملات الوطنية.
أيضا استغلال الفرص الاستثماريه المتاحه والتي من الممكن ان تتولد من الازمه الروسيه الاوكرانية
فعلي سبيل المثال قد تتوقف المانيا عن بعض الصناعات كما اعلنت نظرا لعدم توافر الغاز الطبيعي وبالتالي فرصه لمصر لنقل بعض الصناعات من المانيا و توطينها في مصر بعقد اتفاقيات مع الجانب الالماني وتوفير فرص للاستثمار للجانب الالماني من خلال تعاون مشترك
د عبدالمنعم السيد
مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصاديه والاستراتيجية